استاد محمد الخامس.. لغز يقصم ظهر قطبي الدار البيضاء

استاد محمد الخامس.. لغز يقصم ظهر قطبي الدار البيضاء
حجم الخط:

أثار القرار الرسمي بإغلاق استاد محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء بداية من الأسبوع المقبل، حالة استنفار قصوى داخل أروقة ناديي الوداد والرجاء، في خطوة وُصفت بالصادمة، خصوصًا أنها تأتي في فترة حساسة من الموسم، وقبيل الديربي البيضاوي المنتظر بين الغريمين، الذي يُعد الحدث الأبرز في الكرة المغربية.

القرار الذي اتُّخذ بتنسيق بين سلطات الدار البيضاء والشركة المكلفة بأعمال الصيانة، يأتي ضمن خطة صيانة شاملة لعدد من الملاعب المغربية استعدادًا لاستضافة كأس أمم أفريقيا 2025، لكنه في المقابل أعاد إلى الواجهة الجدل القديم حول “لغز” هذا الاستاد، الذي التهم ميزانيات ضخمة خلال السنوات الماضية دون أن يظهر التحسن المنتظر في بنيته التحتية.

توقيت يثير الشكوك والغضب

بحسب ما علمه ـ elkora.ma، فقد تلقى الوداد والرجاء إشعارًا رسميًا يقضي بإغلاق الملعب بداية الأسبوع المقبل، على أن يمتد الإغلاق حتى الأول من ديسمبر / كانون الأول المقبل، موعد تسليمه إلى الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف)، كونه من الملاعب المعنية بأعمال التطوير لتتوافق مع دفتر التحملات الخاص ببطولة الأمم الأفريقية المقبلة.

وجاء في حيثيات القرار أن فترة الإغلاق مخصصة لتجديد العشب وإجراء بعض أعمال الصيانة الهيكلية، خصوصًا أن هذه الفترة تعرف تقلبات مناخية تستدعي تدخلًا عاجلًا للحفاظ على جودة الأرضية.

غير أن هذا التبرير لم يبدد مخاوف الناديين، اللذين يريان أن التوقيت “كارثي”، لأنه يأتي قبل أيام قليلة من الديربي، ويهدد استقرار الفريقين نفسيًا وجماهيريًا، خصوصًا بعد أن بدأ كل منهما الموسم الحالي بقوة، إذ يتصدر الوداد جدول الدوري المغربي لأول مرة منذ فترة طويلة، فيما يحتل الرجاء المركز الثاني خلفه مباشرة.

استنفار 

قرار الإغلاق وضع الناديين في مأزق حقيقي، خاصة أن الفريقين عانيا في المواسم الماضية من نفي قسري بعيدًا عن الدار البيضاء، بعد تكرار عمليات الغلق المتتالية للاستاد.

وكشف مصدر لموقع ـ elkora.ma أن مسؤولي الوداد والرجاء قرروا عقد اجتماعات عاجلة مع سلطات المدينة لفهم خلفيات القرار وتوقيته، ومحاولة إيجاد حلول بديلة قبل أن يدخل القرار حيز التنفيذ.

ويبدو أن الوداد في وضع أكثر تعقيدًا، لأنه يستعد لخوض منافسات كأس الكونفدرالية الأفريقية بمواجهة أشانتي كوتوكو الغاني، ما يجعله بحاجة ماسة للعب في ملعبه وبين جماهيره، لتفادي الإرهاق الناتج عن التنقلات واللعب في ملاعب غير مألوفة.

أما على مستوى الجماهير، فقد سادت موجة غضب عارمة داخل صفوف الإلتراس التابع للناديين، وصلت إلى حد التلويح بمقاطعة بعض مباريات الدوري، احتجاجًا على ما وصفوه بـ”الاستهتار بمصير قطبي العاصمة الاقتصادية”، ومطالبة بفتح تحقيق رسمي حول تكرار الإغلاق رغم الأموال الطائلة التي أُنفقت على الملعب.

ملايين الدولارات.. إلى أين ذهبت؟

استاد محمد الخامس، الذي يُلقب في المغرب بـ”الملعب الأسطوري”، أصبح حديث الشارع الكروي المغربي بسبب كثرة المرات التي أُغلق فيها للصيانة دون نتيجة ملموسة.

فخلال السنوات الخمس الأخيرة، أُغلق الملعب سبع مرات كاملة، في مشهد نادر على المستوى القاري، رغم أن ميزانيات الإصلاح تجاوزت عشرات ملايين الدولارات، وهي أرقام، بحسب مراقبين، كانت كافية لبناء ملعب جديد بالكامل، على غرار ما حدث في العاصمة الرباط التي شُيدت فيها ثلاثة ملاعب حديثة في ظرف عام واحد فقط.

الملعب الذي احتضن أبرز إنجازات المنتخب المغربي والغريمين الوداد والرجاء على مر العقود، افتُتح قبل أشهر في حفل رسمي حضره رئيس الاتحاد المغربي فوزي لقجع وعدد من المسؤولين، بعد عملية تجديد شملت اقتلاع الكراسي للمرة الثالثة واستبدالها، إلى جانب استقدام نوع جديد من العشب يُفترض أنه “الأفضل في القارة”.

لكن سرعان ما تدهورت الأرضية مجددًا، ما أعاد الشكوك حول جدوى الصفقات التي أُبرمت في هذا الملف.

وبعد الإعلان الأخير عن الإغلاق، ارتفعت أصوات المطالبين بفتح تحقيق شفاف يكشف مصير الأموال التي تم ضخها في هذا المشروع، ولماذا يتكرر السيناريو نفسه كل عامين تقريبًا.

ديربي بلا روح

من أبرز تداعيات القرار الجديد أنه سيحرم جماهير المغرب من أجواء الديربي التاريخي، إذ بات من المؤكد أن المباراة ستُنقل إلى ملعب العربي الزاولي، وهو ما يفقد المواجهة كثيرًا من هيبتها الجماهيرية والإعلامية.

فملعب محمد الخامس هو القلب النابض للديربي، حيث تمتزج فيه الألوان الحمراء والخضراء في مشهد أسطوري لا يتكرر.

غيابه يعني فقدان جزء كبير من القيمة الرمزية والاقتصادية للمباراة، التي تُعد الأهم في الكرة المغربية والعربية من حيث المتابعة الجماهيرية.

ويعيد هذا المشهد إلى الأذهان ما حدث الموسم الماضي، حين اتفق الإلتراس في خطوة غير مسبوقة على مقاطعة الديربي، احتجاجًا على ما وصفوه بـ”الاستهتار بالمشجعين”، ما أدى إلى تسجيل أدنى حضور جماهيري في تاريخ المواجهة.

رفض اللعب في الرباط

ورغم ما تردد عن نية نقل مباريات الوداد والرجاء إلى العاصمة الرباط خلال فترة الإغلاق، أكدت مصادر لـ elkora.ma أن هذا الخيار غير مطروح حاليًا، لأن ملاعب العاصمة نفسها ستخضع لأعمال صيانة استعدادًا للكان، فضلًا عن الرفض القاطع من جماهير الناديين للتنقل خارج الدار البيضاء.

وقالت المصادر: “أنصار الوداد والرجاء يعتبرون أن مدينتهم لا تحظى بنفس الاهتمام الذي تحظى به الرباط من حيث تطوير البنية التحتية الرياضية، رغم أن قطبيها يمثلان واجهة الكرة المغربية قارياً وعربيا”.