نجح نادي الوداد الرياضي في تحقيق حلمه الذي استعصى طويلًا، وتمكن أخيرًا من الظفر بتوقيع نجم المغرب، حكيم زياش، في صفقة تاريخية وانتقال حر، أنهى فترة معاناة اللاعب التي استمرت منذ رحيله عن الدحيل القطري قبل أشهر.
وكان زياش أحد أبرز أهداف الوداد قبل مونديال الأندية الأخير، غير أن المفاوضات تعطلت في ذلك الوقت، بسبب خلافات حول بعض التفاصيل، ليتجه الوداد حينها إلى التعاقد مع السوري المخضرم عمر السومة.
مصادر من داخل النادي أكدت لموقع “ـ elkora.ma” أن صفقة زياش قد حُسمت رسميًا، بعد أن اختار اللاعب الانضمام إلى الوداد البيضاوي، عقب فشل مفاوضاته مع عدد من الأندية الأوروبية، آخرها كلوج الروماني، وسط تسريبات تحدثت عن إصابة على مستوى الركبة، وهو ما نفاه زياش نفسه رغم ندرة ظهوره الإعلامي مؤخرًا.
“ـ elkora.ma” يسلّط الضوء على مسار زياش، وأسباب اختياره الوداد، وكيف أصبحت بوابة النادي المغربي طوق نجاته نحو استعادة بريقه، وعودته المحتملة إلى صفوف “الأسود”، خصوصًا أن المدرب وليد الركراكي أكد في تصريحات سابقة، أن الشرط الوحيد لعودة زياش إلى المنتخب، هو انضمامه إلى نادٍ يمكّنه من استعادة مستواه الفني والبدني.
مفاوضات قبل المونديال
قبل مشاركة الوداد في مونديال الأندية، كثف رئيسه هشام آيت منا اتصالاته مع زياش وعبد الرزاق حمد الله، وعدد من المحترفين المغاربة، على أمل ضم أحدهم للفريق في تلك البطولة العالمية، لكن حمد الله اختار الانتقال إلى الهلال السعودي، فيما اعتذر زياش آنذاك، متعهدًا بأن يكون الوداد أول نادٍ مغربي يفكر في اللعب له مستقبلاً.
وفي تلك الفترة، لجأ الوداد إلى التعاقد مع المهاجم السوري عمر السومة، لكن التجربة لم تكلل بالنجاح.
واستمرت جسور التواصل بين إدارة النادي وزياش دون انقطاع. ووفقًا لمصادر “ـ elkora.ma”، فإن وجود زميل زياش السابق في المنتخب، نور الدين أمرابط، داخل صفوف الوداد كان له تأثير كبير في قرار اللاعب، إذ وجد في ذلك دافعًا إضافيًا للتوقيع، قبل غلق الفترة الاستدراكية التي منحتها الفيفا للاعبين الأحرار، ليتم الاتفاق النهائي بنجاح.
منطق رابح رابح
تحكم في الصفقة منطق “رابح رابح”، إذ سيكسب الوداد على المستويين الفني والتسويقي بانضمام لاعب بحجم زياش، الذي يُعد حتى الآن الهداف الأول للمنتخب المغربي من الجيل الحالي، برصيد 25 هدفًا، كما سيستفيد من خبرته الكبيرة في دعم طموحه للعودة إلى صدارة الكرة المحلية، والمنافسة بقوة على لقب بطولة الكونفيدرالية الإفريقية.
في المقابل، استفاد زياش من هذه الخطوة، عبر انضمامه إلى نادٍ قوي بتاريخ كبير وقاعدة جماهيرية عريضة، حيث قدّم تنازلات مالية مهمة، من أجل التوقيع في صفقة انتقال حر، سعيًا لاستعادة مستواه والتواجد مجددًا مع منتخب المغرب في كأس أمم إفريقيا المقبلة.
ويمثل الوداد بالنسبة له فرصة لإعادة بناء مسيرته على أسس سليمة، خاصة أنه النادي الذي درّبه وليد الركراكي في وقت سابق، ويعرف قدراته وإمكانياته جيدًا، ما يضمن له بيئة مثالية من حيث الاستقرار والدعم الفني والنفسي.
حلم الكان
منذ عام 2014، حين فضّل زياش تمثيل المغرب على حساب هولندا، كان حلمه الأكبر هو خوض بطولة كأس الأمم الإفريقية على أرض وطنه.
لكن ذلك الحلم تأجل، عندما سُحب تنظيم البطولة من المغرب آنذاك بسبب أزمة وباء إيبولا. واليوم، ومع عودة المغرب لتنظيم الكان مجددًا، يجد زياش نفسه أمام فرصة جديدة لتحقيق ما فاته قبل أكثر من عقد، وذلك بعدما غاب عن معسكرات المنتخب منذ عام تقريبًا، نتيجة اضطرابات في مسيرته الاحترافية، بين تشيلسي، وجالطة سراي، والدحيل القطري.
وتوقيعه لنادي الوداد قد يمثّل خطوة مهمة، نحو استعادة مكانه الطبيعي بين صفوف “الأسود”، وهو ما أكده الركراكي مؤخرًا في مؤتمر صحفي، مشيرًا إلى أن زياش يقترب كثيرًا من العودة إلى المنتخب، بفضل هذه الخطوة الجريئة.
مزاج حاد ومغامرة جديدة
يُعرف زياش بمزاجه الحاد وشخصيته القوية، التي كثيرًا ما تسببت له في خلافات مع مدربين كبار، أمثال الألماني توماس توخيل، والإنجليزي جراهام بوتر في تشيلسي، والتركي بوراك يلماز في جالطة سراي، وكذلك مع المدربين السابقين للمنتخب المغربي، وحيد خليلوزيتش وهيرفي رينارد.
واليوم، يدخل اللاعب مرحلة جديدة من مسيرته في بيئة مختلفة تمامًا، وسط جماهير الوداد التي تمتاز بشغفها الكبير وولائها لناديها.
ورغم الترحيب الشعبي الكبير الذي رافق إعلان الصفقة، فإن الأنظار كلها تتجه نحو ما سيقدمه زياش على أرض الملعب، ومدى قدرته على التأقلم سريعًا مع أجواء البطولة المحلية والقارية.
جماهير الوداد تنتظر منه أن يكون إضافة نوعية في الفريق، وأن يستعيد بريقه الذي خفت في السنوات الأخيرة.
وبالنسبة لزياش، فإن هذه التجربة ليست مجرد انتقال رياضي، بل هي فرصة لإعادة اكتشاف نفسه، واستعادة الثقة، وتحقيق حلمه الكبير بالعودة إلى قمة المجد الكروي بقميص الوداد، والظفر بفرصة الدفاع عن ألوان المغرب في كأس الأمم الإفريقية المقبلة، على أرضه وأمام جماهيره.