هالستنبرغ يكسر جمود “المانشافت” ليمهد الطريق ليورو 2020

بفوزه الثمين على منتخب ايرلندا الشمالية قام المنتخب الألماني لكرة القدم خطوة كبيرة صوب نهائيات كأس أوروبا 2020. لكنه مشواره الليلة الماضية بدأ جامدا طيلة الشوط الأول، ليكسره اللاعب هالستنبرغ بهدف مثير مطلع الشوط الثاني.

أمسية تبقى خالدة في ذاكرة مارسيل هالستنبرغ، ليس فقط لأنه سجل هدف التقدم لفريقه أمام منتخب ايرلندا في ثاني مباراة دولية له وهدفه الأول في صفوف المنتخب، بل لأنه كسر بهدفه الجميل والمثير الجمود الذي شل بشكل ما نشاط المنتخب برمته طيلة الشوط الأول، حيث نجحت ألمانيا أخيرا في افتتاح التسجيل مطلع الشوط الثاني عبر مدافع لايبزيغ مارسيل هالستنبرغ بتسديدة رائعة “على الطائر” بيسراه من داخل المنطقة أسكنها الزاوية اليسرى البعيدة للحارس بايلي بيكوك-فاريل في الدقيقة الثامنة والأربعين. وقال هالستنبرغ “إن الهدف فتح العلبة قليلا”.

وأثار “المانشافت” بقيادة المدرب يواخيم لوف الكثير من الأسئلة في الشوط الأول تتعلق بمستواه ومدى قدرته في الوصول إلى نهائيات يورو 2020، حيث ظهر الفريق عجيبا وكأنه غير قادر على مقاومة هجمات ومناورات خصمه في المباراة.

وبدا أن ألمانيا، التي افتقدت العديد من اللاعبين بسبب الإصابة، تفتقر لخطة لعب واضحة في الشوط الأول وسط تمريرات عديدة لكن دون نجاح في اختراق دفاع ايرلندا الشمالية. ويبدو أن خسارة المنتخب الأخيرة أمام هولندا بهدفين مقابل اربعة أهداف قد زعزعت ثقة المنتخب بنفسه بشكل واضح. في هذا السياق قال مهاجم المنتخب ماركو رويس ” كان علينا هضم الخسارة أمام هولندا”. ويبدو أن عملية الهضم استغرقت طيلة شوط كامل من المباراة.

دفاع لا يذكر

وافتقر لاعبو المنتخب في لقائه أمام ايرلندا وفي كل عناصره إلى الثبات والاستقرار أمام لاعبين ايرلنديين مكافحين بحماس منقطع النظير ولكن تقنيا في مستوى متواضع، حيث كان من المفروض أن يأخذ التقدم التقني للمنتخب الألماني مداه ويظهر تأثيره على نتيجة المباراة. وكان مشهدا عجيبا أن ترى كيف يخسر المهاجم تيمو فيرنر وسيرج غنابري وحتى ماركو رويس الكرات الواحدة تلو الأخرى وبكل سهولة. كما كان خط الدفاع الذي كان يتكون من نيكلاس زوله وماتياس غينتر ولوكاس كلوسترمان ومارسيل هالستنبرغ يهتز بشكل مثير للقلق بين الحين والأخر.

لكن القلق الكبير يثره محور خط الوسط بلاعبيه توني كروس ويوسواه كيميش. فالاثنان يعتبرهما المدرب لوف من الأساسيين و اعمدة ثابتة في خططه. ولكن، وكما ظهر ذلك واضحا أمام منتخب هولندا الأقوى، لم يقومان الاثنان بالنشاط المطلوب كلاعبي وسط اساسيين بالنسبة لطريقة لعب المنتخب الألماني، حيث ظهرا وكأنهما شاردا الذهن وغير دقيقين ودون مبادرات حيوية، وكأنهما لا يعرفان بالتحديد مهمة كل واحد منهما.

فقدان الكرة بشكل لافت

فقد حاول اللاعبان في كل مرة إعادة بناء اللعب من جديد وقيادة هجمة مناوئة، لكنهما كانا يخطئان كثيرا، خصوصا في التمريرات القصيرة، حيث كانا يقدمان للفريق المنافس فرصا ذهبية لمهاجمة مرمى نوير، وهذا ما حدث فعلا عندما أضاع توني كروس الكرة لصالح كونور واشنطن ليحصل الأخير على أكبر فرصة ذهبية للتهديف مجمل المباراة.

ولم ينجح ثنائي الوسط كيميش وتوني كروس في السيطرة على المباراة ووضع مجرياتها تحت تصرفهم، حيث كانت تمريراتهم إلى قمة الهجوم تنتهي بين اقدام لاعبي الفريق المنافس، بدلا من أن تصل إلى مهاجمي المنتخب. وبرزا الاثنان في حالات كثيرة في ظاهرة فقدان الكرة بشكل يثير العجب والقلق معا وكانا بذلك يضعان لاعبي خط الدفاع في وضع حرج وأمام صعوبات خطيرة.

نجاح الفريق في تحرير نفسه بعد الهدف الثاني الذي سجله اللاعب سيرج غنابي في الدقيقة ألأخيرة من الوقت بدل الضائع كان في متناول اليد وقال لوف بعد المباراة ” لقد كنا تحت ضغط الخسارة أمام هولندا وكان علينا أن نتجاوز بعض الصعوبات”، لكنه اضاف ” لكننا لم نكن نمسك الأرض بهيكلة تشكيلتنا”. وكان يبتسم عند قوله الجملة الأخيرة، فالتعبير عن هذه المشاعر بالنسبة للوف كان صعبا. لوف سعيد بنتيجة الفوز في المباراة، لكن مجريات المباراة ستشكل مادة نقاش طويل تشغله لساعات كثيرة قادمة.

تحديد الأدوار بشكل واضح

ربما يمكن القول إننا نطلب الكثير من هذه التشكيلة الشابة التي كان عليها خلال ثلاثة أيام تنتقل من شكل مباراة طغى عليها طابع الدفاع إلى أخرى ذات طابع هجومي يهيمن الفريق عليها. ولكن ورغم ذلك يجب على توني كروس ويوسواه كيميش أن يطبقا تكتيكات المدرب وتعليماته على العشب بشكل دقيق وتحويلها إلى البعد العملي. فحاليا قاما الاثنان أكثر من مرة بزعزعة الثقة لأفراد المنتخب برمته وبسبب عدم وضوح دور كل واحد منهما اثناء اللعب. وهنا يجب القول إنه يجب أن تكون الأدوار واضحة ومنفصلة عن بعضها البعض.

مهما يكن من شيء، فإنه من الواجب القول إن تشكيلة المدرب لوف في الشوط الثاني قدم اداء جيدا افضل بكثير من الشوط الأول وتمكن رغم كل الظروف الصعبة أن يكسب النقاط الثلاث التي وضعت المنتخب الألماني في صدارة مجموعته في التصفيات الأوروبية. ولكن حصيلة هذه الأمسية الكروية ستكون بالنسبة للمدرب الاتحادي لوف أنه عليه مواصلة العمل على أساس هذه النتيجة وبكل هدوء إلى جانب تدقيق أسلوب صب المنتخب الشاب في بودقة واحدة يجيد لغة التفاهم في المباراة وينقل الأفكار الخلاقة إلى ارض الملعب دون صعوبات.

فالحقيقة تكمن في أن المنتخب الألماني لكرة القدم لايزال بعيدا كل البعد من تصورات لوف لمنتخب ناجح وقادر على المنافسة أوروبيا وعالميا، وهذا ما بدا ظاهرا على وجه لوف في هذه الأمسية في أواخر صيف ساخن في بلفاست.

يورغ شتروشاين/حسن ع. حسين

زر الذهاب إلى الأعلى