سيكون البرتغالي سيرجيو كونسيساو المدير الفني لاتحاد جدة في واحد من أصعب الاختبارات، خلال بداية مشواره مع العميد، وذلك عندما يستقبل الهلال في كلاسيكو يضعه تحت ضغط مبكر، بعد أسابيع قليلة من توليه القيادة الفنية للفريق.
كونسيساو الذي يخلف الفرنسي لوران بلان في عمله كمدرب للاتحاد، سيكون أمام مهمة خاصة مع الفريق، وامتحان فني صعب، من أجل تحقيق التفوق الذي يتمناه وتنشده جماهيره من أجل تعديل مسار “الإتي” هذا الموسم وجعله ذو شخصية فنية حقيقية، لمنافس على الألقاب والبطولات.
ولعله ليس على سبيل المبالغة القول بأن اختبار الكلاسيكو الذي ينتظر كونسيساو لا يقل صعوبة عن مواجهة إنتر ميلان في أوج تألقه عندما بدأ البرتغالي مهام عمله في قيادة إي سي ميلان.
ويدرك كونسيساو أنه لا مجال للخطأ في مثل هذه المباريات، وأنه حتى ولو لم يقدم المردود الفني المنتظر لكنه خرج بنتيجة إيجابية فإن ذلك سيثبت أقدامه أكثر فأكثر مع الفريق الذي يبحث معه عن انتصار غائب في الدوري.
واصطدم كونسيساو بتركة ثقيلة نوعا ما خلّفها الفرنسي بلان، لفريق بأزمات فنية لاسيما على الصعيد الدفاعي، ولم تنجح فترة التحضير للموسم الجديد مع الميركاتو الصيفي في علاج تلك السلبيات، علاوة على بعض القصور الهجومي الواضح، ما يجعل البرتغالي أمام مهمة إصلاح ليست سهلة.
لكن لضيق الوقت فكان يتعين على كونسيساو أن يضع يده سريعا على مواطن الخلل في فريقه وهي واضحة للجميع.
الاتحاد الذي خسر بسهولة كلاسيكو النصر 2-0 في الجولة الرابعة من دوري روشن للمحترفين، ظهرت أخطائه وهفواته الفنية بوضوح، فالفريق يعاني على مستوى عمق الدفاع، مع تراجع واضح في أداء دانيلو وسعد الموسى، علاوة على عدم تأقلم الوافد الجديد سيميتش بشكل كامل، ما يفرض على المدرب الاختيار بين العناصر المتاحة لديه، وقد لا يجازف أي مدرب بعودة أحمد شراحيلي بعد غياب طويل بسبب إصابة الرباط الصليبي، فرغم عودته وجاهزيته منذ نهاية الموسم الماضي إلا أن هناك بعض التخوف لمنحه أكثر من دقائق في نهايات المباريات.
لذلك فإن الأسلحة الموجودة لدى كونسيساو هي التي يتعين عليه الاعتماد عليها دون أي محاولات إبداعية.
وهنا يأتي دور خط الوسط الذي يعد سببا رئيسيا في تراجع المستوى الدفاعي للعميد، فالثنائي كانتي وفابينيو لم يعد أي منهما يقدم الأداء الدفاعي القوي وإفساد هجمات المنافس مبكرا، ورغم مساهمات الفرنسي والبرازيلي أحيانا على الصعيد التهديفي والدور الهجومي لكل منهما لكن لا يتمنى أي مدرب من هذا الثنائي تحديدا سوى أن يكون بمثابة حائط صد أمام الخط الخلفي يمنع المنافس من تشكيل خطورة.
كانتي الذي لطالما وُصف بـ “النحلة” نظرا لأنه لا يكل من الضغط على المنافس لاستخلاص الكرة، بات أشبه بـ “الفراشة” في الموسم الحالي ولم يعد بنفس التأثير القوي، كذلك يفتقد فابينيو صلابته المعتادة في الكرات المشتركة، والضغط العالي الذي كان يقوم به.
بالتأكيد أسلوب اللعب هو الذي يفرض على عناصر الفريق القيام بواجبات معينة، لكن من الواضح أن خلل الدفاع يعود بالأساس لخط وسط يسهل مهمة المنافسين في الوصول إلى مناطق الخطورة.
يتبقى الشق الهجومي للاتحاد هو الهمّ الآخر الذي يشغل كونسيساو، فالفريق الذي عجز عن هز شباك الفيحاء سوى مرة واحدة، رغم كثرة المحاولات، استطاع أن يمطر شباك الشرطة العراقي برباعية، لكن مع الفارق بين البطولتين والمنافسين، فإن الاتحاد يظل بحاجة لأن يكون لديه شكل هجومي واضح وأكثر شراسة مما هو عليه الآن.
ولعل أكثر ما يعيب أداء الاتحاد على الصعيد الهجومي هو غياب الحلول الإبداعية، فإذا كان بنزيما قد لعب دورا كبيرا الموسم الماضي، ليس فقط كهداف للفريق ولكن كمحطة هجومية مهمة وقائد للخط الأمامي بشكل حقيقي، فإن ذلك لا يغني عن أدوار الأجنحة وصناعة اللعب.
فعلى سبيل المثال في النصر تزداد أهمية دور الوافد الجديد هذا الموسم جواو فيليكس رغم وجود ماكينة الأهداف رونالدو، ومن ثم فإن حراك هجوم الاتحاد مرتبط بأدوار باقي اللاعبين، فلن يغني تألق بنزيما عن دور حسام عوار في صناعة الخطورة والهجمات، مع ضرورة تحسن قرارات الثنائي بيرجوين وديابي في موقف واحد ضد واحد، والذي لم يعد يرجح كفة الهولندي والفرنسي في الموسم الحالي، ومن ثم تتعطل هجمات الاتحاد دائما في الأجنحة.
وإذا استطاع الاتحاد تقريب الخطوط بشكل كبير وعدم ترك المساحات للهلال التي يحسن استغلالها مع سرعات لاعبيه فإن العميد ربما يعيش ليلة سعيدة في جدة.
أيضا الاحتفاظ الكثير بالكرة والمبالغ فيه أحيانا من جانب الاتحاد لاسيما في خط الوسط، قد يكلفه الكثير، خاصة أن الوسط الهلالي والخط الخلفي يجيد الضغط واستخلاص الكرة، ما يعني أن سرعة الأداء ستكون مفتاح مهم لدى كونسيساو لتحقيق التفوق لأن البطء هو آفة كبرى تهدد منظومة الفريق.
وربما لا تكون الأزمة في الوصول إلى مرمى ياسين بونو بقدر ما تتمثل في الفعالية الحقيقية لهجوم الفريق وخلق فرص تعكس شخصية الفريق والعمل الجماعي وليس اجتهادات فردية من بعض اللاعبين، هذا الأمر ضروري للغاية في المباريات الكبرى مثل الكلاسيكو، كونه يجعل المنافس تحت ضغط مجاراة الفريق بنفس إيقاع اللعب السريع والجماعي.
