حين يتحدث بعض المدربين الكبار، لا يمكن اعتبار كلماتهم مجرد صدفة أو رأي عابر، نظرًا لقيمتهم الفنية وقدرتهم على تقييم الأمور بأفضل شكل ممكن.
وتصبح الآراء أكثر جدلاً عندما تتعلق بالأسطورة البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي يعد أحد أفضل نجوم كرة القدم، حيث تعمد البعض التقليل من إنجازاته، مع السخرية من مقارنته بغريمه الأرجنتيني ليونيل ميسي.
لكن، التقليل من قدرات “الدون”، لم يكن معتادًا من قبل، وهو ما فعله المدرب الإسباني رافائيل بينيتيز، بشكل أثار جدلاً كبيرًا خلال الأيام الأخيرة.
وخرج بينيتيز بتصريح قبل أيام قليلة، قال خلاله: “رونالدو أفضل من يُنهي الهجمات، ولكن صلاح هو أكثر تكاملاً منه”.
جذور الأزمة
تصريح بينيتيز لم يمر مرور الكرام، في ظل التفوق الكبير لرونالدو على صلاح بشكل عام، وإن كان الأخير يتفوق عليه في الدوري الإنجليزي الممتاز.
ويبدو أن المدرب الإسباني لم ينس ما حدث معه قبل 9 سنوات، عندما كان مدربًا لريال مدريد، حيث قاد وقتها سلسلة من النجوم، بقيادة رونالدو.
وكان من المفترض أن يقود مشروعًا طموحًا، ولكن العلاقة لم تكن مثالية مع “الدون”، نظرًا للعديد من المواقف التي كشفت عن ذلك، فضلاً عن التقارير الإعلامية والصحفية التي أشارت إلى أن النجم البرتغالي هو من تسبب في رحيله لاحقًا.
Getty Images
وحاول المدرب الإسباني فرض انضباط تكتيكي صارم على نجم اعتاد الحرية داخل الملعب، وهو ما ولّد حالة شد وجذب بين الطرفين، تزامنًا مع تراجع النتائج.
إضافة إلى أن صحيفة “آس” الإسبانية أكدت في وقتها أن “سر الخلاف الخفي بين الطرفين، يعود إلى أن بينيتيز حاول تغيير آلية تنفيذ النجم البرتغالي للركلات الحرة، ليثير غضب الأخير”.
سخرية واضحة
على هذا الخلاف، علق رونالدو بعد رحيل بينيتيز بفترة قصيرة، خلال مقابلة إعلامية، حيث تلقى سؤالا عمّا إذا كان بينيتيز قد علمه كيفية تنفيذ الركلات الحرة، ليعلق بضحكة ساخرة للغاية، ثم تناول كأسًا من المياه.
ورد الدون قائلاً: “هناك أشياء يمكن لأي لاعب أن يتعلمها، وأخرى يستحيل اكتسابها، لكن يبقى بوسعك دائمًا أن تستفيد من المدربين”.
وأضاف: “مع بينيتيز على سبيل المثال، رأيت بعض الأمور التي لم أشاهدها مع العديد من المدربين”.
Getty Images
وتابع ساخرًا: ” يقولون إن بينيتيز علمني كيفية ضرب الكرة وكيفية المراوغة؟ حسنًا من الأفضل أن أقول له شكرا وأكتفي بهذا القدر”.
وفي نفس اللقاء، أشاد النجم البرتغالي بزين الدين زيدان، بعد تعيينه مديرًا فنيًا خلفًا لبينيتيز، حيث وصفه بالشخص الهادئ الذي لا يتحدث كثيرًا، بقوله: “هو شخص رائع وذكي ويُركز على عمله، وأنا على وفاق تام معه، وأتمنى أن نحقق معه الكثير ويبقى معنا”.
وبالفعل استمر “زيزو” مع الريال، وقاد الفريق لتحقيق ثلاثة ألقاب متتالية من دوري أبطال أوروبا، بجانب بعض الألقاب المحلية، قبل أن يقود الفريق في ولاية ثانية بعد رحيل “الدون”.
نفي ثم انتقام
بعد رحيل بينيتيز عن ريال مدريد، ظهر في مقابلة إعلامية، نفى خلالها وجود أي خلاف مع “صاروخ ماديرا”، مؤكدًا أن الأخير كان يحب الطريقة التي يتدرب بها تحت قيادته.
وأضاف: “رونالدو يحب الانتصار، وهو لاعب تنافسي للغاية، هو يريد الفوز وتسجيل الأهداف، لذلك هذا هو الجانب الإيجابي في الأمر”.
ولكن بعد 9 سنوات، يبدو أن بينيتيز لم يستطع إخفاء خلافه مع رونالدو، بقوله: “صلاح الأكثر تكاملاً منه”.
Getty Images
صحيح أن لكل شخص رأيه، ولكن عندما يتعلق ببعض الأمور التي تبدو واضحة للجميع، فإن الغرض منه يعود لأسباب خفية، ومنها خلاف المدرب الإسباني مع النجم البرتغالي.
وأثار هذا التصريح حالة من الجدل، خاصة أن بعض خبراء كرة القدم، يقولون إن “رونالدو الرياضي الأكثر تكاملاً”، نظرًا لقدراته البدنية والفنية، وحرصه الدائم على تطوير العديد من الجوانب على مدار مسيرته التاريخية.
ورقة الملك
لم يجد بينيتيز أفضل من ورقة الملك المصري للانتقام من رونالدو، خاصة أن صلاح يعد أحد أفضل اللاعبين في العالم بالوقت الحالي.
فضلاً عن أرقامه المذهلة التي يتفوق بها على رونالدو بفارق بعيد بإنجلترا، حيث يحتل النجم المصري المركز الرابع في قائمة هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز عبر التاريخ، برصيد 187 هدفًا.
وتوج صلاح، بجائزة لاعب العام في إنجلترا 3 مرات، بالإضافة للتتويج بجائزة هداف البريميرليج 4 مرات، كأكثر من حققها مناصفة من الفرنسي تيري هنري.
Getty Images
في المقابل، سجل رونالدو 103 أهداف فقط رفقة مانشستر يونايتد، وحصد الحذاء الذهبي مرة واحدة فقط، بالإضافة إلى لاعب العام مرتين بإنجلترا.
وتبرهن أرقام الثنائي في إنجلترا إلى تفوق صلاح بفارق كبير، وهو ما استغله المدرب الإسباني الذي يمتلك ذكريات رائعة مع ليفربول خلال الفترة من (2004-2010).
لكن إذا تحدثنا عن المسيرة الكروية بشكل كامل، فإن رونالدو يتفوق بفارق مذهل عن صلاح، من حيث الأرقام الفردية والألقاب الجماعية، فيكفي أنه أفضل لاعب في العالم خلال 5 مناسبات سابقة، والهداف التاريخي لكرة القدم.
كذلك، يتربع رونالدو على عرش هدافي المنتخبات عبر التاريخ، وهو هداف ريال مدريد الأول، وأول لاعب يسجل 100 هدف أو أكثر في 4 دوريات مختلفة، وغيرها من الأرقام التي لا حصر لها.
وبالتالي، فإن تصريح بينيتيز لم يكن منطقيًا، بقدر غرابته، خاصة وأن النجم البرتغالي لم يتوقف عن العمل حتى هذه اللحظة، رغم تجاوز 40 عامًا.
