لماذا يوجد 3 منتخبات باسم “غينيا” في كأس أمم أفريقيا؟

يشارك في مسابقة كأس أمم أفريقيا 2021 بالكاميرون 3 منتخبات تحمل اسم “غينيا”؛ وهم: غينيا وغينيا بيساو وغينيا الاستوائية، والناظر للوهلة الأولى سيعتقد أن البلدان الثلاثة يشتركون في عرق واحد، أو أن الغينيتين الاستوائية وبيساو انشقتا عن غينيا الأم، والحقيقة تقول معلومات معاكسة تمامًا لتلك النظريات الافتراضية.

مجموعات منتخبات غينيا في كأس إفريقيا 2021

يقع منتخب غينيا في المجموعة الثانية إلى جانب السنغال ومالاوي وزيمبابوي، وأشهر لاعبيه نجم ليفربول الإنجليزي، نابي كايتا، ولاعب برشلونة السابق ولايبزيغ الألماني حاليا، إيلايش موريبا، فيما تلعب غينيا الاستوائية في المجموعة السادسة مع الجزائر وكوت ديفوار وسيراليون، وتنشط غينيا بيساو في المجموعة الرابعة مع مصر والسودان ونيجيريا.

تاريخ منتخبات غينيا في كرة القدم

لم يتأهل أي منتخب من المنتخبات الثلاثة إلى مسابقة كأس العالم لكرة القدم من قبل، ولم يظفر أي منهم أيضًا بلقب كأس أمم أفريقيا، وتعدُّ غينيا الأفضل إنجازًا بتأهلها إلى الكان 13 مرة، فيما خاضت المباراة النهائية مرة واحدة بنسخة عام 1976، ومنها تنحدر عائلة بانغورا الشهيرة.

أما غينيا الاستوائية فلعبت لأول مرة في كأس أمم أفريقيا بداية من نسخة 2012 التي استضافتها مع الغابون، إذ فشلت في كل تصفيات النسخ السابقة، ولا تعدُّ غينيا بيساو أفضل حالًا، إذ دشّنت مشاركتها الأولى على الإطلاق في نسخة الغابون 2017.

أين توجد بلدان غينيا الثلاثة جغرافيًا؟ وما الاختلاف بينهم؟

تقع البلدان الثلاثة في غرب إفريقيا، ويطلون على خليج غينيا، لكن اللافت أن التركيبة الديموغرافية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية مختلفة في كل بلد من هذه البلدان؛ فلغة غينيا الرسمية مثلًا هي الفرنسية، فيما تعدُّ غينيا بيساو الدولة الإفريقية الوحيدة التي تعترف باللغة الإسبانية بوصفها لغتها الرسمية، وأما غينيا الاستوائية فتتحدث باللغة البرتغالية.

مثال آخر، إن غينيا الاستوائية (قريبة من وسط القارة) لا ترتبط بحدود جغرافية في الأساس مع غينيا أو غينيا بيساو (في الغرب)، وتبتعد عنهما بمئات آلاف الأميال، إذ يفصل بين غينيا الاستوائية وأختيها 9 بلدان (الكاميرون– نيجيريا– بنين– توغو– غانا– بوركينا فاسو– كوت ديفوار– ليبريا– سيراليون)، ما ينسف أي نظرية لتوحد العرق أو الأرض بين ثلاثتهم.

الديانة السائدة في غينيا هي الإسلام بنسبة 95% وعاصمتها كوناكري، ويطلق بعضهم عليها لفظًا واحدًا “غينيا كوناكري”، أما غينيا بيساو الجارة فنصف سكانها من المسلمين، و40% يتّبعون ديانات إفريقية قديمة، أما غينيا الاستوائية التي تبعد عنهما، فـ 90% من سكانها مسيحيون، ولا يوجد فيها مسلمون.

المثال الأخير في هذا الصدد: يبلغ عدد سكّان غينيا كوناكري –يُعتقد أنها غينيا الأصلية- نحو 13 مليون نسمة، وهي البلد الأغنى اقتصاديًا، والأكثر سكّانًا، والأكبر مساحة جغرافية، والأقدم نيلًا للاستقلال (1985)، فيما تعدُّ غينيا بيساو فقيرة من كل النواحي، ويبلغ عدد سكانها 1.5 مليون، وناتجها المحلي 1.3 مليار دولار أمريكي، مقارنة مع جارتها غينيا (15 مليار دولار).

أصل اسم “غينيا”

أطلقت القوى الغربية مصطلح “غيني” على الزنوج داكني البشرة، القاطنين في غرب إفريقيا، لتمييزهم عن القوقازيين والبربر من شمال إفريقيا، فهذه المنطقة –الغرب- بالتحديد كانت وستظل الأغنى والأوفر بالثروات في القارة بأكملها، وموقعها الجغرافي المتميز المطل على خليج “غينيا”؛ لذلك حظيت بمكانة هائلة لدى الإمبراطوريات الأوروبية، وأُطلقت عليها مسميات لتمييزها من الأفارقة الآخرين.

كيف أسهم الاستعمار في إيجاد 3 بلدان باسم غينيا؟

من المُسلّم به أن الاستعمار الأوروبي الإمبريالي للأقطار الإفريقية مع بداية القرن الـ15، وبالتحديد لدى البرتغاليين بفضل بحّارتهم، أسهم في تأصل وتأسيس هذه البلدان الثلاثة بالشكل المتعارف عليه الآن، وكان التقسيم الفعلي بين الإمبراطوريات الأوروبية في القرن الـ17 عندما أخذت كل قوى كبرى بلدًا تتغذى على ثرواته، فظهرت غينيا البريطانية وغينيا الفرنسية وغينيا الإسبانية وغينيا البرتغالية.

بعد الاستقلال في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته، كان من المستحيل أن يحتفظ كل بلد بمسماه الاستعماري القديم، فغينيا الفرنسية -مثلًا- حذفت الاسم الثاني، وأصبحت “غينيا” فقط، فيما أصبحت غينيا البرتغالية “غينيا الاستوائية” لقربها من خط الاستواء، وتبدّل اسم غينيا الإسبانية إلى “غينيا بيساو” لمنع الخلط مع جارتها غينيا، لكن مع ملاحظة أن لغات المستعمر ظلت كما هي إلى الوقت الحاضر.

هل تعلم أن هناك غينيا رابعة.. لكنها ليست في إفريقيا

بالإضافة إلى البلدان الإفريقية الثلاثة التي تحمل اسم غينيا، هناك في نصف الكرة الآخر، الشرقي، بلدٌ يُسمّى “غينيا الجديدة” شمالي أستراليا، ليصبح الإجمالي 4 بلدان باسم غينيا؛ 3 في إفريقيا، وواحدة ملاصقة لقارة أستراليا، لكن كيف ذلك؟

غينيا الجديدة وعاصمتها بورت مورسبي، كانت مستعمرة برتغالية في القرن الـ16، ومنها استنبط الاستعمار الاسم نسبة إلى بلدان غرب إفريقيا التي مكثوا فيها لقرون، لكن العجيب أن غينيا الجديدة تلك تنقسم إلى بلدين، الجزء الغربي تحت حكم إندونيسيا والجزء الشرقي كان تحت وطأة الاستعمار الأسترالي إلى عام 1975 حين نالت استقلالها.

ومع أنهم يشتركون في نفس الاسم، لكن غينيا الجديدة لغتها الرسمية هي الإنجليزية، على نقيض الأخريات اللواتي يتحدثن البرتغالية والفرنسية والإسبانية، ليظل لغزًا محيّرًا، إذ يشترك الأربعة في الاسم ذاته، لكنهم مختلفون تمامًا من كل الجهات.

زر الذهاب إلى الأعلى