حين دوّى اسم كريستيانو رونالدو في أرجاء الرياض، مطلع عام 2023، ظن أغلب المشجعين، أن المجد سيتدفق تباعًا إلى خزائن نادي النصر السعودي، مدفوعًا بخبرة الأسطورة البرتغالية، وشغفه الذي لا ينتهي.
لكن ما بين أهدافه الغزيرة وأرقامه الفردية المميزة، ظهرت بعض علامات الاستفهام، بسبب استمرار ابتعاد “العالمي” عن منصات التتويج، وبدأ البعض يتساءل: هل أخطأ النصر بالتعاقد مع رونالدو.. أم أن “الدون” يصارع وحده داخل منظومة لا تواكب طموحه؟
هداف لا يعرف التتويج
انضم رونالدو للنصر في يناير/كانون ثان 2023، ولكنه فشل منذ ذلك الحين، في تحقيق أي لقب محلي أو قاري، واكتفى فقط بحصد البطولة العربية للأندية.
ورغم التطلعات التي كانت تحيط بالنصر، وخاصة بعد الصفقات المميزة التي أبرمها في صيف 2023 مع وجود “الدون”، إلا أن الفريق النصراوي تعرض للعديد من الصدمات المحلية والقارية.
وفي موسم رونالدو الأول، الذي بدأ في النصف من نسخة (2022-2023)، خسر النصر، جميع الألقاب المحلية، وخاصة ثنائية الدوري والكأس أمام اتحاد جدة.
وفي الموسم قبل الماضي، تربع الهلال على القمة في جميع البطولات المحلية، وتفوق على النصر ذهابا وإيابا في دوري روشن وأقصاه من نصف السوبر السعودي 2024، وهي الليلة التي طُرد فيها رونالدو.
فضلا عن توديع ربع نهائي دوري أبطال آسيا أمام العين الإماراتي، رغم أن “فارس نجد” كان أبرز المرشحين لنيل اللقب، قبل أن يختتم رفاق رونالدو موسمهم بخسارة نهائي كأس الملك أمام الهلال بركلات الترجيح.
واستمر الوضع على ما هو عليه خلال الموسم الماضي، حيث تمكن الاتحاد من العودة للقمة، وتفوق على النصر ذهابا وإيابا، وتوج بثنائية الدوري وكأس الملك.
لكن رغم تعثرات النصر المستمرة، إلا أن رونالدو توج هدافا للدوري في آخر نسختين، وهو أكثر لاعب سجل أهدافا منذ وصوله للمسابقة قبل عامين ونصف، ليصبح بمثابة هداف لا يعرف التتويج.
بئر مظلم
رغم دور رونالدو المميز في تسجيل الأهداف من أنصاف الفرص، بالإضافة لتاريخه الذهبي في عالم الساحرة المستديرة، إلا أنه تعرض لاتهامات عديدة من الجماهير وبعض الخبراء، تشير إلى أنه بات عبئا على الفريق.
ويرى البعض أن وجود رونالدو يمثل ضغطا كبيرا على أي مدرب، بالإضافة للتأثير على زملائه في الملعب، بسبب التمرير له بصورة مستمرة، رغم وجود لاعبين آخرين في مواقع أفضل منه في بعض الأحيان.
وتسبب خلاف رونالدو المستمر مع المدرب الإيطالي السابق ستيفانو بيولي، في دعم الآراء التي كانت تستهدف إبعاده عن الفريق خلال الميركاتو الجاري، حتى وصل الأمر أن أحد الجماهير طالبه في آخر مباراة بالموسم الماضي على ملعب “الأول بارك” بعدم تجديد عقده.
وتصاعدت نبرة الاستياء بين بعض الجماهير، معبرة عن قناعة متزايدة بأن كريستيانو لم يعد يمثل الإضافة المنتظرة، بل تحوّل إلى عبء ثقيل على كاهل الفريق السعودي.
ذلك الشعور غذّته حالة إحباط من فشله في قيادة “العالمي” نحو أي لقب محلي أو قاري حتى الآن، رغم أرقامه الفردية اللافتة، ليدخل في نفق مظلم.
بقاء مشروط
تسرب اليأس داخل النجم البرتغالي، الذي لا يعرف الإحباط، وخاصة بعد توديع نصف نهائي نخبة آسيا على يد كاواساكي الياباني، حيث خطف “الدون” أنظار العالم بالحديث مع نفسه لعدة دقائق، وكأنه في حالة من الصدمة واللا وعي.
وبناء على ذلك، فكر رونالدو في عدم الاستمرار مع النصر لفترة جديدة، وهو ما دفع النادي السعودي للتفاوض معه حول البقاء، ليقرر وضع العديد من الشروط.
واشترط رونالدو، التدخل في المشروع الرياضي للفريق، عن طريق اختيارات الصفقات والمدرب الجديد، وبالفعل بدأ أولى الخطوات بمكالمة هاتفية، جلب من خلالها مواطنه المخضرم جورجي جيسوس لقيادة النصر بعد رحلة تاريخية مع الهلال.
كذلك، أرسل طائرته الخاصة لزميله في المنتخب البرتغالي، جواو فيليكس، الذي كان قريبا من العودة لبنفيكا، لكن تواصل الدون معه حسم كل شيء.
فضلا عن مساندة جيسوس في جميع القرارات التي اتخذها بشأن التخلص من عدة أسماء، وخاصة الإسباني إيميريك لابورت، الذي فشل في تقديم أي شيء يذكر بالموسم الماضي، بالإضافة لإعارة الكولومبي جون دوران.
هذا وبالإضافة إلى نقل معسكر ناديه من النمسا إلى مقر تدريبات المنتخب البرتغالي، وسط تقارير تشير إلى أنه تكفل ببعض الأمور نتيجة النقل المفاجئ.
اكتمال فريق الأحلام
استمر العمل المميز داخل النصر، بضم المدافع الإسباني إينيجو مارتينيز ليعوض رحيل لابورت، بجانب قلب دفاع الشباب نادر الشراري.
والصفقة الأبرز تمثلت في إعلان التعاقد مع الفرنسي كينجسلي كومان جناح بايرن ميونخ، ليكتمل فريق أحلام رونالدو بقيادة جيسوس.
وأعلن النصر عن صفقة كومان بعد مفاوضات استمرت لمدة أسبوع واحد فقط، ليوقع على عقود انضمامه للفريق لمدة 3 مواسم، وسيبدأ رحلته باللعب ضد اتحاد جدة في السوبر المحلي، مساء الثلاثاء المقبل.
ومن المتوقع أن يتكون خطف هجوم النصر من رباعي ناري، متمثل في فيليكس، خلف الثلاثي رونالدو وكومان والجناح السنغالي ساديو ماني.
وبالنظر للطريقة الهجومية الشرسة التي ينتهجها جيسوس، فإن النصر سيكون قادرا على تحقيق طموحات جماهيره خلال الموسم الجديد.
لعنة كين ومجد محتمل
تعد صفقة كومان، واحدة من أبرز الصفقات في ميركاتو الدوري السعودي، حيث تعقد الجماهير النصراوية، آمالا كبرى على قدرات الجناح الفرنسي.
وبعيدًا عن القدرات الفنية التي يتمتع بها كومان، فإن جماهير النصر تترقب الاستفادة من “لمسته الذهبية” في حصد الألقاب، إذ نجح في تحقيق جميع بطولات الدوري، باستثناء موسم وحيد، وذلك منذ بدء مسيرته الاحترافية، بقمصان أندية باريس سان جيرمان، يوفنتوس، وبايرن ميونخ.
وبالتأكيد، سيساعد وجود كومان، زميله رونالدو على الخروج من النفق المظلم، بالصعود لمنصات التتويج، لكن أحلام الدون وجماهير النصر، قد تصطدم بلعنة الإنجليزي هاري كين التي ضربت الجناح الفرنسي، بعد انضمامه إلى بايرن ميونخ في صيف 2023، قادما من توتنهام.
فعلى الرغم من إمكانيات كين الهجومية، إلا أنه عانى من لعنة كبرى خلال مسيرته متمثلة في ابتعاده عن الألقاب سواء مع “السبيرز” أو المنتخب الإنجليزي، وهو ما ضرب سجل كومان الذهبي في الموسم قبل الماضي.
وتسبب وجود كين، في توقف سجل كومان الذهبي، بخسارة أول لقب دوري بعد 12 موسما متتاليا، وهو ما قد يتكرر بالسقوط في بئر رونالدو المظلم مع النصر بالسنوات الأخيرة.
ويأتي هنا السؤال، هل يتمكن كومان من انتشال رونالدو من البئر المظلم؟ أم يتأثر باللعنة التي تطارد الفريق مثلما حدث بعد قدوم كين للعملاق البافاري قبل عامين؟