صاعقة في نابولي.. جراحة جديدة تبعد دي بروين لأشهر طويلة

صاعقة في نابولي.. جراحة جديدة تبعد دي بروين لأشهر طويلة
حجم الخط:

أعلن نادي نابولي الإيطالي رسميًا، اليوم الأربعاء، خضوع نجمه البلجيكي كيفن دي بروين لعملية جراحية ناجحة لعلاج إصابة في عضلات الفخذ الخلفية، كان قد تعرض لها خلال مباراة الفوز (3-1) على إنتر ميلان في الدوري الإيطالي.

وجاءت الإصابة في لحظة فرح، إذ شعر دي بروين بآلام قوية في فخذه الأيمن بعد تسجيله الهدف الافتتاحي من ركلة جزاء، قبل أن يطلب التبديل ويغادر الملعب متألمًا.

وذكرت الفحوصات الطبية التي خضع لها اللاعب لاحقًا أن الإصابة من الدرجة الأولى، الأمر الذي استدعى التدخل الجراحي الفوري. وقال نابولي في بيان رسمي: “كما كان مخططًا، خضع كيفن دي بروين لجراحة ناجحة في مدينة أنتويرب البلجيكية بعد إصابته من الدرجة الأولى في الفخذ الأيمن، وسيدخل مرحلة التأهيل الأولى في بلجيكا قبل العودة إلى إيطاليا لاستكمال البرنامج العلاجي”.

ولم يُحدد النادي مدة الغياب الرسمية، لكن تقارير صحفية بلجيكية وإيطالية رجّحت أن تمتد فترة غيابه إلى نحو 4 أشهر، في ضربة قوية للفريق الجنوبي الذي يعوّل كثيرًا على خبرته وجودته في خط الوسط.

ويبلغ دي بروين من العمر 34 عامًا، وقد عرف مسيرته الطويلة بسلسلة من الإصابات العضلية المتكررة، خصوصًا في عضلات الفخذ الخلفية. فقد خضع لجراحة مماثلة عام 2023 عندما كان لاعبًا في مانشستر سيتي، وغاب حينها عن الملاعب لمدة 5 أشهر.

لكن رغم هذه الانتكاسات، ظل دي بروين مثالاً للصمود والاحترافية، إذ كان يعود دائمًا أكثر قوة وتركيزًا، وهو ما جعله من أبرز صُنّاع الألعاب في تاريخ كرة القدم الحديثة.

البدايات في بلجيكا.. الحلم يبدأ من جينك

وُلد كيفن دي بروين في 28 يونيو/حزيران 1991 بمدينة درونجن البلجيكية، وبدأ شغفه بكرة القدم منذ طفولته. التحق بأكاديمية جينك في سن الرابعة عشرة، وهناك ظهرت ملامح موهبته الفذة، ليصعد سريعًا إلى الفريق الأول موسم 2008-2009.

في صفوف جينك، تألق دي بروين بصناعته للفرص الحاسمة ودقته في التمريرات، وساهم في تتويج النادي بلقب الدوري البلجيكي موسم 2010-2011، حين سجل خمسة أهداف وقدم ست عشرة تمريرة حاسمة، ما لفت أنظار الكبار في أوروبا.

محطة تشيلسي.. الموهبة تصطدم بالواقع

في يناير/كانون الثاني 2012، تعاقد نادي تشيلسي الإنجليزي مع دي بروين مقابل 7 ملايين جنيه إسترليني، في صفقة بدت حينها استثمارًا طويل الأمد. لكنّ اللاعب الشاب اصطدم بواقع قاسٍ تحت قيادة المدرب جوزيه مورينيو، الذي لم يمنحه فرصة كافية لإظهار قدراته.

وخلال تلك الفترة، تمت إعارته إلى نادي فيردر بريمن الألماني موسم 2012-2013، وهناك تفجّرت موهبته من جديد، إذ سجل عشرة أهداف وقدم تسع تمريرات حاسمة في الدوري الألماني، ليصبح أحد أفضل لاعبي البوندسليجا في ذلك الموسم. ورغم هذا النجاح، لم يجد اللاعب مكانًا في تشيلسي عند عودته، فقرر خوض تجربة جديدة بعيدًا عن أجواء لندن.

EPA

فولفسبورج.. ميلاد النجم العالمي

في يناير/كانون الثاني 2014، انتقل دي بروين نهائيًا إلى فولفسبورج مقابل 18 مليون يورو، وهناك انطلقت رحلته الحقيقية نحو المجد الأوروبي.

خلال موسمه الثاني مع الفريق (2014-2015)، قدّم أداءً استثنائيًا، فسجل 16 هدفًا وصنع 27 هدفًا في مختلف المسابقات، وقاد فولفسبورج لتحقيق كأس ألمانيا وكأس السوبر المحلي.

هذا التألق اللافت جعل اسمه يتصدر عناوين الصحف في القارة العجوز، وتم اختياره أفضل لاعب في الدوري الألماني، ليصبح هدفًا لكبرى أندية أوروبا، وفي مقدمتها مانشستر سيتي.

مانشستر سيتي.. المجد بألوان السماء

في صيف 2015، أعلن مانشستر سيتي تعاقده مع دي بروين مقابل 75 مليون يورو، ليصبح حينها أغلى صفقة في تاريخ النادي الإنجليزي. ومنذ اللحظة الأولى، كان واضحًا أن الصفقة ستكون نقطة تحول في تاريخ النادي.

تحت قيادة المدرب بيب جوارديولا، تطور دي بروين ليصبح أحد أفضل لاعبي الوسط في العالم، بفضل قدرته على قراءة اللعب، وتمريراته القاتلة التي اخترقت أعقد الدفاعات، وتسديداته القوية التي حسمت المباريات.

قاد النجم البلجيكي فريقه لتحقيق إنجازات تاريخية، أبرزها: “الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز ست مرات (2018، 2019، 2021، 2022، 2023، 2024)، التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا 2023 لأول مرة في تاريخ النادي، حصد كأس الاتحاد الإنجليزي وكأس الرابطة في أكثر من مناسبة”.

كما نال دي بروين جائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي من رابطة اللاعبين المحترفين مرتين (2020 و2022)، وأصبح الهداف التاريخي لصناعة الأهداف في مانشستر سيتي، متفوقًا على أسماء أسطورية.

كان بيب جوارديولا يصفه دومًا بأنه “عقل الفريق وعيونه داخل الملعب”، إذ يُعدّ الرابط بين الفكر التكتيكي للمدرب وتنفيذه العملي بأعلى دقة ممكنة.

EPA

المنتخب البلجيكي.. قائد الجيل الذهبي

على المستوى الدولي، ارتدى دي بروين قميص منتخب بلجيكا لأول مرة عام 2010، وكان أحد أعمدة الجيل الذهبي الذي قاد “الشياطين الحمر” إلى نصف نهائي كأس العالم 2018 في روسيا، حيث أنهى المنتخب البطولة في المركز الثالث بعد الفوز على إنجلترا.

وشارك دي بروين في عدة نسخ من كأس الأمم الأوروبية، وكان قلب المنتخب النابض وصانع الإيقاع في خط الوسط، بفضل قدرته على تحويل الدفاع إلى هجوم في لحظة واحدة.

ويُعرف دي بروين بشخصيته الهادئة خارج الملعب، فهو نادر الظهور إعلاميًا، يفضل أن يتحدث بأفعاله داخل الميدان. ورغم هدوئه، إلا أنه يتمتع بروح قيادية قوية، جعلته القائد غير المعلن لمانشستر سيتي طوال سنوات.

لكنّ الإصابات ظلت الجانب المظلم في مسيرته، إذ تكررت مشكلاته العضلية في أكثر من موسم، خصوصًا في السنوات الأخيرة من مسيرته الإنجليزية، حيث غاب مطلع موسم 2023-2024 لفترة طويلة بسبب إصابة مشابهة.

ومع انتقاله إلى نابولي في صيف 2024، كان الأمل كبيرًا في أن يعيش تجربة جديدة في أجواء أكثر هدوءًا وتحديًا مختلفًا في الدوري الإيطالي، لكن القدر لم يمهله كثيرًا قبل أن تعود الآلام نفسها لتهاجمه من جديد.

نهاية مرحلة أم بداية جديدة؟

اليوم، بينما يبدأ دي بروين مرحلة التعافي من جراحة جديدة، يدرك عشاق كرة القدم أن النجم البلجيكي سيخوض معركة جديدة، لا ضد الخصوم هذه المرة، بل ضد الزمن والإصابة.

فهو لاعب لا يعرف الاستسلام، ولا يقبل أن تنتهي مسيرته بصمت. ومهما طال غيابه، يبقى دي بروين رمزًا للعقل الكروي الخارق، وأحد أنقى صُنّاع الجمال في كرة القدم الحديثة.

وحين يعود إلى الملاعب مجددًا، لن تكون تلك مجرد عودة لاعبٍ مصاب، بل عودة أسطورةٍ تأبى الانكسار.