رميات التماس الطويلة.. ضرورة جديدة للنجاح في البريميرليج

رميات التماس الطويلة.. ضرورة جديدة للنجاح في البريميرليج
حجم الخط:

في الوقت الذي تزداد فيه التكتيكات الحديثة تعقيدا داخل كرة القدم، عاد أحد أقدم الأسلحة إلى الواجهة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز: رميات التماس الطويلة.

فبعد مرور تسع جولات فقط من موسم 2025-2026، شهدت البطولة تسجيل ثمانية أهداف من رميات التماس، رقم يفوق بكثير المعدلات المعتادة، ليبدو أن “فن رمي الكرة من الخط الجانبي إلى منطقة الست ياردات” قد عاد إلى الموضة مجددا.

لطالما اعتُبرت رميات التماس الطويلة تكتيكا “بدائيا”، يُستخدم من قبل الفرق الصغيرة التي تفضل القوة البدنية على المهارة الفنية، لكن الواقع تغيّر هذا الموسم.

فوفقا للأرقام، حاولت جميع الفرق العشرين في البريميرليج، تنفيذ ما لا يقل عن ثلاث رميات تماس تجاوزت 20 مترا داخل منطقة جزاء الخصم، وهو ما أدى إلى ارتفاع متوسط عدد الرميات الطويلة في المباراة الواحدة إلى 3.99 رمية، بزيادة مذهلة بلغت 162% مقارنة بمعدل الموسم الماضي (1.52 فقط لكل مباراة).

ورغم أن الموسم لم يكتمل بعد، فقد تخطى عدد الرميات الطويلة بالفعل إجمالي ما سُجل في موسم 2020-2021 الذي أُقيم خلف الأبواب المغلقة سبب جائحة كورونا.

ومنذ ذلك الوقت، شهدت هذه اللعبة “المهملة” عودة تدريجية حتى وصلت هذا العام إلى مستويات غير مسبوقة، متجاوزة الرقم القياسي السابق (1.67 رمية في مباراة) الذي تم تسجيله موسم 2018-2019.

برينتفورد يتصدر

يتصدر برينتفورد قائمة أكثر الفرق استخداما لهذا السلاح، إذ أرسل لاعبوه 47 رمية طويلة إلى منطقة الجزاء، بفضل امتلاكه ثلاثة متخصصين في هذا النوع من اللعب: مايكل كايودي، ماتياس ينسن، وكيفن شاده.

ويليه كريستال بالاس بـ38 رمية بفضل الثنائي كريس ريتشاردز وجيفرسون ليرما، ثم سندرلاند (33) وبورنموث (30).

وفي مفاجأة لافتة، جميع فرق الدوري العشرين جرّبت هذه الخطة هذا الموسم، ما يعني أن الكرة الإنجليزية تعيش نهضة تكتيكية في استغلال الرميات الجانبية.

لكن من حيث الفاعلية الهجومية، يتفوق كريستال بالاس على الجميع، إذ يجد لاعبوه زملاءهم بنسبة 34% من الرميات، وهو ضعف معدل برينتفورد تقريبا.

كما قاد ذلك إلى تسجيل أعلى عدد من التسديدات (18 تسديدة) وارتفاع قيمة الأهداف المتوقعة من تلك المواقف (xG = 2.03).

وفي الإجمال، سجل كل من بالاس وبرينتفورد هدفين من رميات تماس طويلة حتى الآن، أي ما يعادل نصف عدد الأهداف الإجمالي المسجلة من هذه اللعبة.

وللمقارنة، فإن الموسم الماضي شهد تسجيل هدف واحد فقط من رمية تماس كل 27 مباراة، بينما هذا الموسم أصبح المعدل هدفا كل 11 مباراة، وهو ما يعد تطور هائل في فعالية هذا السلاح التكتيكي.

Getty Images

كيف تأتي الأهداف من رميات التماس؟

تشير التحليلات إلى أن اللمسة الرأسية القريبة من القائم الأول، هي أكثر الطرق فاعلية لتحويل رميات التماس إلى فرص أو أهداف.

فبينما تركز معظم الدفاعات على حماية القائم القريب، تُترك المساحات مفتوحة في الجهة الأخرى، وهو ما استغله كريستال بالاس ببراعة أمام أستون فيلا، حين حول ماكسنس لاكروي الكرة برأسه ليجد إسماعيلا سار خاليا عند القائم البعيد ويسجل بسهولة.

الأمر ذاته تكرر مع برينتفورد، إذ أرسل شاده وكايودي رميات طويلة حولها كريستوفر آجير برأسه إلى أهداف بواسطة دانجو واتارا أمام تشيلسي وفابيو كارفاليو أمام ليفربول.

وفي بعض الحالات، لا تحتاج الكرة إلى لمسة من مهاجم الفريق المهاجم لتُحدث الفوضى، كما حدث في أولد ترافورد حين اصطدمت رمية ديوجو دالوت بمدافع سندرلاند لتتهيأ أمام بنيامين سيسكو الذي سجل من مسافة قريبة.

أما من الناحية الدفاعية، فيُعاني ليفربول أكثر من غيره، إذ استقبل ثلاثة أهداف من رميات تماس هذا الموسم، متفوقا في سوء الأرقام حتى على تشيلسي الذي تلقى هدفين.

ومشكلة ليفربول ليست في الكرات الأولى، بل في “الكرات الثانية”، وفشله في إعادة التمركز بسرعة بعد إبعاد الكرة جزئيا.

نجوم الرميات الطويلة

وأصبح مايكل كايودي نجم برينتفورد هو الاسم الأبرز في هذه المهارة، إذ يمتلك سبعا من أطول 15 رمية هذا الموسم، أبرزها رمية بلغت 38.52 مترا أمام فولهام.

لكن الرقم الأطول يعود لزميله ماتياس ينسن الذي نفذ رمية وصلت إلى 45.38 مترا أمام نوتنجهام فوريست، رغم أنها ارتدت أكثر من مرة قبل أن يلمسها أحد.

أما ديوجو دالوت لاعب مانشستر يونايتد، فقد أطلق أطول رمية “تقليدية” وصلت إلى 38.63 مترا خلال الفوز على ليفربول في آنفيلد.

من حيث الدقة، يتربع كريس ريتشاردز من كريستال بالاس على القمة بنسبة نجاح 34.4% (10 رميات ناجحة من 29)، يليه نوردي موكييلي من سندرلاند (24.2%)، ثم كايودي (16.7%).

ويملك بالاس أفضل تركيبة تكتيكية بفضل وجود لاعبين يجيدون الارتقاء مثل لاكروي، جويهي، وماتيتا، بينما يبرز في بورنموث المهاجم أنتوان سيمينيو كأحد القلائل من المهاجمين المتخصصين في هذا الدور.

أما نيوكاسل، فيُتوقع أن يعود إلى الاعتماد على هذه الخطة فور تعافي تينو ليفرامينتو الذي يمتلك نسبة نجاح مذهلة بلغت 39% من محاولاته قبل الإصابة، مع وجود لاعبين طوال القامة مثل نيك فولتمايده في المنطقة.

ويبقى السؤال الآن: هل هي مجرد موجة تكتيكية عابرة، أم أننا أمام عودة دائمة لإحدى أقدم حيل كرة القدم؟

المدربون في البريميرليج أبدوا استعدادا غير مسبوق لتجربة هذه الخطة، مستفيدين من تحليل البيانات الدقيقة، وقوة البدلاء في الكرات الثابتة.

ومع ازدياد عدد الأهداف والفرص الناتجة عنها، يبدو أن الفرق التي لا تمتلك لاعبا قادرا على رمي الكرة لمسافة تتجاوز 35 مترا، أصبحت في نقطة ضعف تكتيكية واضحة.