حقق النجم الروسي دانييل ميدفيديف إنجازاً جديداً في مسيرته المضيئة، بعدما دوّن انتصاره رقم 50 على لاعب مصنف ضمن قائمة العشرة الأوائل عالمياً، إثر تغلبه اليوم الجمعة على الأسترالي أليكس دي مينور في بطولة شنغهاي ماسترز لفئة الألف نقطة، ليحجز مقعده في نصف النهائي الثاني له هذا الموسم في بطولات الماسترز، بعد فوزه بنتيجة مجموعتين دون رد (6-4 و6-4).
وخاض ميدفيديف مواجهة بدنية شرسة أمام دي مينور، حيث شهدت المباراة أكثر من 32 نقطة تجاوزت التسع تبادلات للكرات، ما عكس المستوى العالي للطرفين من الناحية الدفاعية والتحمل البدني. ورغم ذلك، فرض الروسي البالغ من العمر 29 عاماً سيطرته على مجريات اللقاء بفضل دقته وصلابته الذهنية، متفوقاً في الإحصائيات الهجومية والدفاعية على حد سواء.
أظهر ميدفيديف، المصنف 16 على البطولة، تفوقه بتسجيل 11 ضربة قاضية أكثر من خصمه (27 مقابل 16)، وارتكب أخطاءً مباشرة أقل باثنين (25 مقابل 27)، كما حسم 15 من أصل 16 نقطة على إرساله الأول في المجموعة الثانية، ليُنهي اللقاء بعد ساعة و53 دقيقة من الصراع.
حديث البطل بعد التأهل
وعقب المباراة، قال ميدفيديف في تصريحات نقلها موقع رابطة محترفي التنس (ATP): “كنت متعباً للغاية، وكنت أعلم أنني سأخوض نقاطاً طويلة ضد أليكس، تماماً كما حدث أمام ليرنر تين”.
وزاد: “في الشوط الثالث أو الرابع كانت لدينا نقطتان طويلتان للغاية، وأدركت حينها أنها ستكون مباراة مرهقة. لكني سعيد بالطريقة التي لعبت بها، فقد كنت حاسماً في اللحظات الحرجة، وأعتقد أني وضعت عليه ضغطاً كبيراً طوال اللقاء”.
وأضاف: “المجموعة الثانية كانت متقاربة جداً، لكني وجدت أفضل ما لدي في النهاية. أشعر بسعادة كبيرة لمستواي اليوم، لقد كانت مباراة مكتملة من جميع الجوانب”.
بحث عن اللقب الأول منذ 2023
بهذا الفوز، واصل ميدفيديف مسيرته نحو اللقب الذي يطارده منذ أكثر من عام، إذ لم يتوّج بأي بطولة على مستوى الجولة منذ روما 2023. وسيواجه الروسي في نصف نهائي شنغهاي المقبل الفرنسي آرثر ريندركنيتش، الذي يواصل بدوره كتابة قصة مدهشة هذا الموسم.
وكان ميدفيديف قد بلغ نصف نهائي إنديان ويلز في وقت سابق من الموسم، قبل أن يخسر أمام الدنماركي هولجر رون. ويُعد وصوله إلى المربع الذهبي في شنغهاي استمراراً لمسار تصاعدي بعد فترة من التذبذب.
تاريخ خاص في شنغهاي
الروسـي، الذي توّج بلقب شنغهاي ماسترز عام 2019، وصل الآن إلى 50 نصف نهائي على الملاعب الصلبة ضمن بطولات الجولة، وهو رقم يعكس تفوقه على هذا السطح الذي شهد 18 من أصل 20 لقباً في مسيرته الاحترافية.
وخلال طريقه في النسخة الحالية من البطولة، واجه ميدفيديف اختبارات صعبة، أبرزها أمام الأمريكي الشاب ليرنر تين في الدور الرابع، حيث احتاج إلى تركيز استثنائي لتجنب المفاجأة.
سباق تورينو يشتعل
في المقابل، غادر الأسترالي أليكس دي مينور البطولة وهو لا يزال يحتفظ بالمركز السابع في السباق إلى نهائيات تورينو، التي تجمع أفضل ثمانية لاعبين في الموسم.
ويمتلك دي مينور، المتوج بعشرة ألقاب في مسيرته، أفضلية قدرها 640 نقطة على الكندي فيليكس أوجيه-ألياسيم صاحب المركز العاشر، والذي يُعد أول لاعب خارج دائرة التأهل، مستفيداً من غياب البريطاني جاك درابر (المصنف التاسع) لبقية العام بسبب الإصابة.
ورغم خسارته في شنغهاي، يظل دي مينور في موقع مريح نسبياً، إذ يسعى للمشاركة في النهائيات الختامية للموسم الثاني على التوالي، غير أن هزيمته الأخيرة عمّقت سجله السلبي في المواجهات المباشرة أمام ميدفيديف إلى أربع انتصارات مقابل ثمانٍ للروسي.
استمرار المفاجآت الفرنسية في البطولة
وشهدت البطولة مفاجأة مدوية أخرى تمثلت في تأهل الفرنسي آرثر ريندركنيتش إلى أول نصف نهائي في مسيرته ببطولات الماسترز، بعد أن أطاح بالكندي فيليكس أوجيه-ألياسيم بنتيجة (6-3 و6-4) في مباراة استغرقت 87 دقيقة فقط.
وجاء هذا الفوز ليمنح اللاعب الفرنسي، البالغ من العمر 30 عاماً، أكبر انتصار في مسيرته حتى الآن، بعد سلسلة من العروض المبهرة، إذ سبق له أن أقصى المصنف الثالث عالمياً ألكسندر زفيريف، ثم المصنف الـ19 جيري ليهيتشكا في طريقه إلى ربع النهائي، قبل أن يُكمل مغامرته بالفوز على أوجيه-ألياسيم بأسلوب هجومي قوي وحسم واضح على الإرسال.
وبمجرد نهاية المباراة، رفع ريندركنيتش ذراعيه نحو المدرجات احتفالاً، ونظر باتجاه ابن عمه فالنتين فاشيرو، الذي حقق بدوره إنجازاً تاريخياً بتأهله إلى نصف النهائي الآخر من البطولة، حيث سيواجه نوفاك ديوكوفيتش يوم السبت.
“حكاية الأقارب” تشعل أجواء شنغهاي
وفي حديثه بعد الفوز، علّق ريندركنيتش على القصة العائلية الفريدة التي جمعت بينه وبين ابن عمه في هذه البطولة قائلاً: “إنه إنجاز ضخم، أولاً وقبل كل شيء، كنت أتابع ما يفعله ابن عمي فاشيرو. لقد قدّم أداءً مذهلاً وتأهل من التصفيات، والآن سيصبح ضمن قائمة أفضل 100 لاعب في العالم. أردت أن أتبعه وأن أقاتل مثله، لقد كانت تجربة رائعة منذ اليوم الأول في شنغهاي”.
وأضاف مبتسماً: “العائلة كلها تتابعنا من المنزل، نحن نعيش في عالمنا الصغير هنا. ما يحدث لا يُصدق، واليوم أشعر بسعادة لأن الفوز جاء بمجموعتين نظيفتين، ما يعني أنني أحتفظ ببعض الطاقة لمباراة نصف النهائي غداً”.
قفزة كبيرة في التصنيف العالمي
بفضل نتائجه المذهلة هذا الأسبوع، قفز ريندركنيتش 17 مركزاً دفعة واحدة في التصنيف المباشر ليصل إلى المركز 37، ومن المتوقع أن يحقق أفضل تصنيف في مسيرته مع صدور التحديث الرسمي يوم الإثنين المقبل.
وبات الفرنسي ثالث لاعب من بلاده يصل إلى نصف نهائي بطولة شنغهاي، بعد كل من جو-ويلفريد تسونغا (عامي 2013 و2015) وجيل سيمون (2014 و2016)، ليواصل تقليداً فرنسياً مميزاً في هذه البطولة.
أما بالنسبة للكندي فيليكس أوجيه-ألياسيم، فقد ودّع البطولة محتلاً المركز العاشر في سباق تورينو، متأخراً بـ 530 نقطة عن الإيطالي لورينزو موسيتي صاحب المركز الثامن، وهو آخر المراكز المؤهلة إلى البطولة الختامية للموسم، ما يجعل الأسابيع المقبلة حاسمة بالنسبة لطموحاته في التأهل.
بين خبرة الروسي ومفاجأة الفرنسي
تعد مواجهة نصف النهائي بين ميدفيديف وريندركنيتش صداماً بين خبرة النجم الروسي الذي يبحث عن استعادة بريقه القديم، والمفاجأة الفرنسية الكبرى التي تخوض لحظة تاريخية بكل شغف.
وسيكون اللقاء اختباراً حقيقياً للطرفين: فميدفيديف يسعى لتأكيد عودته القوية إلى منصات التتويج، بينما يأمل ريندركنيتش في مواصلة حلمه الذي بدأ من الظل ليصبح حديث جماهير التنس في شنغهاي.
