تهميش فيتينيا.. هل تعود الكرة الذهبية إلى الأساس الظالم؟

تهميش فيتينيا.. هل تعود الكرة الذهبية إلى الأساس الظالم؟
حجم الخط:

بينما يترقب عشاق كرة القدم حول العالم، معرفة هوية الفائز بالكرة الذهبية لعام 2025، يبرز اسم الفرنسي عثمان ديمبلي كأحد أبرز المرشحين، مدعومًا بالأرقام المبهرة والأداء المميز مع باريس سان جيرمان.

غير أن خلف هذا البريق، يقف زميله البرتغالي فيتينيا، الذي قدّم موسمًا استثنائيًا، لكنه وجد نفسه بعيدًا عن دائرة الضوء والترشيحات، في مشهد يعكس إشكالية قديمة بين قيمة الأرقام الفردية وأهمية الدور الجماعي.

ولم يكن موسم فيتينيا عاديًا، بل كان واحدًا من أنجح مواسم لاعبي الوسط في قارة أوروبا، فقد ساهم بشكل محوري في حصد الفريق الفرنسي 5 ألقاب خلال الموسم الماضي.

وعلى الصعيد الدولي، أضاف لقب دوري الأمم الأوروبية مع منتخب البرتغال، ورغم أن أرقامه التهديفية اقتصرت على 4 أهداف فقط، فإن تأثيره كان أكبر من مجرد إحصائيات، إذ تميز بتمريراته الدقيقة، وقراءته المميزة للمباريات، وثباته في المواعيد الكبرى.

لكن ما عاناه فيتينيا، هو ما يصطدم به الكثير من لاعبي الارتكاز عبر التاريخ، حيث أن أدوارهم الحاسمة في السيطرة على وسط الملعب، لا تترجم غالبًا إلى عناوين عريضة أو مقاطع مثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا ما جعل خبراء كثر يشبّهون فيتينيا بتشافي وإنييستا، اللذين لم يتوّجا بالكرة الذهبية رغم قيمتهما التي لا تُقدر بثمن في إنجازات برشلونة وإسبانيا.

Getty Images

ديمبلي واجهة باريس

على النقيض، كان ديمبلي هو واجهة باريس سان جيرمان في الموسم الماضي، فالجناح الفرنسي سجل 35 هدفًا وصنع 16 آخرين في مختلف البطولات، متصدرًا ترتيب هدافي الدوري الفرنسي، ومتوجًا بجائزة أفضل لاعب فيه، كما حصد جائزة أفضل لاعب في دوري الأبطال.

ولعل هذه الأرقام، جعلت عثمان ديمبلي، محط أنظار الإعلام والجماهير، ورسخت صورته كالنجم الأول في الفريق الفرنسي.

النادي نفسه لعب دورًا في تكريس هذه الصورة، فقد قاد المدير الرياضي لويس كامبوس، حملة علنية لدعم ديمبلي، وصرّح بوضوح أن “عدم فوزه سيكون ظلمًا”، مشددًا على أن أرقامه تجعله الأحق دون منازع.

وحتى فيتينيا نفسه، اختار خطاب التواضع، حين سُئل عن فرصه في الفوز بالكرة الذهبية، فأكد أن عثمان هو المستحق، لأنه حمل الفريق على كتفيه حتى النهاية.

اعتراف كهذا، من زميل مباشر في الملعب، يعكس حجم الزخم الإعلامي والشعبي الذي يصب في صالح الجناح الفرنسي.

Getty

شبح رودري وفينيسيوس

غير أن هذا المشهد ليس جديدًا على عالم الكرة الذهبية. ففي عام 2024، فاجأ رودري الجميع حين توج بالجائزة متفوقًا على البرازيلي فينيسيوس جونيور، المرشح الأبرز حينها.

يومها، انقسمت الآراء، بعضهم رأى أن فوز لاعب وسط ارتكاز يعد إنصافًا لـ “لاعبي الظل”، فيما اعتبره آخرون ظلمًا لنجم جماهيري يملك كل مواصفات الفائز التقليدي.

ريال مدريد، الذي شعر بالمرارة، قاطع الحفل، بعدما علم بخسارة فينيسيوس قبل الإعلان الرسمي.

الصحافة وصفت تتويج رودري بأنه “دهشة للجميع”، لكن النقاد رأوا أنه انتصار للعقلانية على البريق.

هذا السيناريو، جعل البعض يتساءل: هل يكرر فيتينيا مسار رودري؟ أم أن ما حدث العام الماضي كان استثناءً لن يتكرر، ليعود التصويت إلى منح الجائزة لجناح هجومي مثل ديمبلي؟

Getty Images

الإعلام ومعايير التصويت

تعتمد الجائزة على تصويت 100 صحفي يمثلون دولًا من بين المئة الأوائل في تصنيف الفيفا، وفق 3 معايير (الأداء الفردي والإنجازات الجماعية والسلوك).

لكن هذه المعايير تظل مرنة، وتفتح المجال للاجتهادات الشخصية والتحيزات، فمن الصحفيين من يقدّر الإنجازات الجماعية أكثر، ومنهم من يركز على الأرقام الفردية.

الإعلام المحلي بدوره يلعب دورًا كبيرًا، ففي فرنسا، لا يمكن تفويت فرصة الاحتفاء بلاعب فرنسي يقود فريق العاصمة إلى المجد الأوروبي، مما يولّد زخمًا لديمبلي، يفوق تأثير الإعلام البرتغالي المحدود في دعم فيتينيا.

كما أن قصة ديمبلي، اللاعب الذي تجاوز الإصابات والانتقادات في برشلونة، ليعود أقوى في باريس، تبدو أكثر إثارة وجاذبية إعلاميًا من قصة لاعب وسط هادئ يعمل بصمت.

Getty Images

قيمة البطولات والتأثير الجماهيري

تباين التقييم يظهر أيضًا في نظرة النقاد للبطولات نفسها، فبينما يعتبر البرتغاليون أن دوري الأمم الأوروبية إنجاز مهم، يقلل آخرون من قيمته مقارنة بكأس العالم أو اليورو.

كذلك يخشى أنصار باريس من انقسام الأصوات بين ديمبلي وفيتينيا، بما قد يصب في مصلحة منافسين آخرين مثل مبابي أو لامين يامال.

في النهاية، يظل استبعاد فيتينيا من دائرة المرشحين الأقوياء، علامة استفهام حول معايير الكرة الذهبية.. هل يدفع ثمن موقعه في الملعب، حيث يُقاس الأداء بالتوازن والجهد أكثر من الأهداف؟ أم أن الإعلام والجماهيرية هما الفيصل في صناعة الفائز؟

ما هو مؤكد أن سباق 2025 يعيد إنتاج النقاش الأبدي: من يستحق اللقب أكثر؟ اللاعب الهادئ الذي يوزع الكرات ويضبط الإيقاع؟ أم النجم البراق الذي يلهب المدرجات بالأهداف والمهارات؟