الظهير الأيسر.. لعنة مزمنة تؤرق جوارديولا داخل السيتي

الظهير الأيسر.. لعنة مزمنة تؤرق جوارديولا داخل السيتي
حجم الخط:

رغم النجاحات المحلية والقارية التي حققها مانشستر سيتي تحت قيادة بيب جوارديولا، ظل مركز الظهير الأيسر، صداعًا مزمنًا للفريق منذ وصول المدرب الإسباني في 2016.

وفي كل موسم تقريبا، يظهر وجه جديد في هذه الجبهة، لكن لم يتمكن أي لاعب من تثبيت أقدامه كحل دائم طويل الأمد، وهو ما جعل الكثيرون، يصفون هذه المعاناة بأنها أشبه بـ “لعنة” تطارد الفريق.

بداية الأزمة وتوالي الإخفاقات

مع قدوم بيب جوارديولا، غادر الظهيران المخضرمان جايل كليتشي وألكسندر كولاروف، ليبدأ النادي السماوي، رحلة البحث عن ظهير أيسر جديد.

وفي صيف 2017، جاء التعاقد مع الفرنسي بنيامين ميندي في صفقة قياسية وقتها لتعزيز هذه الجبهة.

وبدا ميندي كحل مثالي في البداية، لكن إصابته بقطع في الرباط الصليبي بعد أسابيع من بداية الموسم، قلبت الأمور رأسًا على عقب.

وعانى اللاعب من تكرار الإصابات، ثم دخل في مشاكل انضباطية، قبل أن تأتي القضايا الجنائية التي أبعدته نهائيا عن الملاعب، لتنتهي تجربته بفشل ذريع رغم الأموال الكبيرة التي دُفعت لضمه.

ولم يكن ميندي وحده، ضحية هذه اللعنة، فقد أعاد السيتي، شراء الإسباني أنجيلينيو في 2019 بعد تألقه في الدوري الهولندي، لكنه لم ينجح في إثبات نفسه ورحل بعد نصف موسم إلى لايبزيج.

أما الأوكراني ألكسندر زينتشينكو، فقد مثّل أبرز الحلول المؤقتة، إذ استعان به جوارديولا كظهير أيسر رغم أنه في الأصل لاعب وسط.

وقدم زينتشينكو أداءً ثابتًا في محطات مهمة وساهم في مباريات حاسمة مثل نهائي دوري الأبطال 2021، لكنه لم يعتبر حلًا طويل المدى، كونه ليس ظهيرا طبيعيا، ورحل في النهاية إلى آرسنال.

وتكرر السيناريو مع الإسباني سيرجيو جوميز، الذي ضمه السيتي في 2022، ورغم الآمال الكبيرة، لم يحصل اللاعب على فرص كافية، ولم يتمكن من إقناع جوارديولا، لينتهي به المطاف خارج النادي بعد موسمين فقط.

ولعل هذه المحاولات المتكررة دون نجاح، جعلت مركز الظهير الأيسر، واحدًا من أكثر المراكز عدم استقرار في حقبة المدرب الإسباني.

حلول مؤقتة وابتكارات تكتيكية

في مواجهة هذه الأزمة، لجأ جوارديولا إلى حلول غير تقليدية، فبعد إصابة ميندي، فاجأ الجميع في موسم 2017-2018 باستخدام لاعب الوسط فابيان ديلف كظهير أيسر.

ورغم أن ديلف لم يكن ظهيرا حقيقيا، إلا أنه أدى الدور بانضباط وسد الثغرة لفترة قصيرة.

الأمر نفسه تكرر مع زينتشينكو، الذي تحول من وسط هجومي إلى ظهير أيسر لعدة مواسم، وكذلك مع دانيلو الذي شغل المركز أحيانا رغم أنه ظهير أيمن في الأساس.

ولاحقًا جاء الدور على جواو كانسيلو، الذي تم توظيفه في مركز الظهير الأيسر بأسلوب مائل إلى الوسط، ليقدم إضافة هجومية مميزة لفترة، لكن رحيله المفاجئ في 2023 أعاد الفريق إلى المربع الأول.

كما لجأ جوارديولا إلى قلوب الدفاع مثل ناثان آكي وجوسكو جفارديول لشغل هذا المركز، في حل اعتمد على القوة الدفاعية أكثر من كونه مجرد ظهير تقليدي، وفي لحظات حاسمة اضطر النادي إلى إشراك أحد خريجي الأكاديمية لسد النقص، وهو ما أبرز حجم الأزمة.

آيت نوري.. بارقة أمل

هذا الصيف، تحرك مانشستر سيتي بشكل حاسم للتعاقد مع الجزائري ريان آيت نوري من وولفرهامبتون في محاولة لإنهاء هذه المعضلة نهائيا.

اللاعب يعتبر من أبرز المواهب في مركزه بالدوري الإنجليزي، وقد تألق في الموسم الماضي بأرقام هجومية ودفاعية مميزة، جعلته ضمن أكثر المدافعين تأثيرا في البريميرليج.

ويمتاز آيت نوري بقدرته على الموازنة بين الواجبات الدفاعية والدعم الهجومي، وهي الصفات التي يبحث عنها جوارديولا في الظهير العصري.

كما أن تعاقد النادي معه، يعد أول خطوة حقيقية لجلب ظهير أيسر متخصص منذ رحيل ميندي، وهو ما يعطي انطباعا بأن السيتي يسعى أخيرًا لإغلاق هذا الملف المزعج.

التحدي أمام آيت نوري ليس سهلا، وسيتعين عليه التأقلم مع متطلبات جوارديولا التكتيكية الصارمة وتقديم أداء ثابت في مركز كان مصدر قلق لسنوات طويلة.

وإذا نجح في فرض نفسه، فقد يطوي السيتي، صفحة طويلة من المعاناة ويستعيد التوازن في الجهة اليسرى.

أما إذا واجهت التجربة عقبات أو إصابات، فقد يجد السيتي نفسه أمام فصل جديد من البحث عن ظهير أيسر، لتستمر “اللعنة” التي عانى منها الفريق، قرابة عقد كامل.