ندم كبير.. قاتل إسبانيا كان على أعتاب برشلونة

ندم كبير.. قاتل إسبانيا كان على أعتاب برشلونة
حجم الخط:

لم يخطئ كشافو برشلونة في توصيتهم بالتعاقد مع المهاجم الكولومبي نيسر فياريال، الذي تألق بشكل لافت بعدما أخرج منتخب إسبانيا من كأس العالم تحت 20 عاماً بتسجيله “هاتريك” تاريخي.

ووفقاً لصحيفة “سبورت” الإسبانية، فقد تفاوض برشلونة مع نيسر فياريال خلال النصف الأول من عام 2025، بعدما برز المهاجم الكولومبي في بطولة أمريكا الجنوبية للشباب تحت 20 عاماً بتسجيله ثمانية أهداف وصناعته لأربعة أخرى.

وكان اللاعب، البالغ حالياً 20 عاماً، قد رفض تمديد عقده مع نادي ميلوناريوس، وعُرض على برشلونة عبر وسيط، وسط تقارير داخلية إيجابية للغاية حول مستواه.

كانت الصفقة تُعد فرصة مثالية في السوق، إذ نادراً ما يتاح التعاقد مجاناً مع هدّاف بمثل هذه القدرات في نهاية العام. إلا أن قيود اللعب المالي النظيف، بالإضافة إلى هبوط فريق برشلونة أتلتيك إلى دوري الدرجة الثانية، جعلت إتمام الصفقة أمراً مستحيلاً، ولم يقدم النادي الكتالوني على أي خطوة رسمية.

وخلال الأشهر الأخيرة، أصبح اللاعب محور اهتمام العديد من الأندية، رغم توتر علاقته مع ناديه، حيث كان أتلتيكو مدريد الأقرب لضمه بعد توصله إلى اتفاق مع ميلوناريوس، كما أبدى كل من بورتو ونيوكاسل اهتماماً كبيراً بخدماته، لكن في النهاية لم يوقّع فياريال مع أي نادٍ أوروبي.

اختفى اللاعب عن الأضواء لبعض الوقت، لكنه قبل انطلاق مونديال الشباب في تشيلي، انضم إلى نادي كروزيرو البرازيلي في صفقة انتقال حر، بعقد يمتد حتى ديسمبر/ كانون الأول 2030، دون الكشف عن قيمة الشرط الجزائي.

ويبدو أن نادي كروزيرو يعيش حالة من السعادة حالياً، إذ ارتفعت القيمة السوقية للاعب بشكل كبير رغم أنه لم يخض بعد أي مباراة في الدوري البرازيلي، بعدما سجل فياريال “هاتريك” مميزاً قاد به منتخب كولومبيا للفوز 3-2 على إسبانيا في ربع النهائي.

وقدّم اللاعب أداءً مذهلاً في المباراة، أظهر فيه قوته البدنية وسرعته في التنفيذ وقدرته التهديفية العالية، ليؤكد أنه مهاجم يصنع الفارق عندما يكون في أفضل حالاته.

ورفع فياريال رصيده إلى 5 أهداف في البطولة، متساوياً مع الأمريكي بنيامين كريماتشي لاعب بارما، واضعاً نصب عينيه التتويج بلقب هدّاف المسابقة ومساعدة بلاده على الفوز باللقب، إلا أنه سيغيب عن نصف النهائي أمام الأرجنتين بسبب تراكم البطاقات.

ويبرهن تألق نيسر فياريال مجدداً على دقة رؤية كشافي برشلونة، الذين واصلوا عملهم المتميز في اكتشاف المواهب الشابة حول العالم، حتى وإن حالت الظروف دون إتمام بعض الصفقات لأسباب تتجاوز الجوانب الرياضية البحتة.

سياسة برشلونة في اصطياد المواهب

على مدار العقود الأخيرة، بنى نادي برشلونة سمعة عالمية كأحد أبرز المؤسسات الكروية في اكتشاف وتطوير المواهب الشابة. فبفضل أكاديمية “لا ماسيا” الشهيرة، التي أنجبت أسماء أسطورية مثل ليونيل ميسي، تشافي هيرنانديز، أندريس إنييستا، وجيرارد بيكيه، أصبح النادي نموذجاً يحتذى به في رعاية اللاعبين منذ سن مبكرة وصقلهم وفقاً لفلسفة النادي المعروفة بـ”التيكي تاكا”.

لكن في السنوات الأخيرة، ومع اشتداد المنافسة الأوروبية وتغير سوق الانتقالات، لم يعد برشلونة يعتمد فقط على أكاديميته الداخلية، بل وسّع شبكته العالمية من الكشافين لتغطية جميع القارات، بحثاً عن مواهب صاعدة بأسعار منخفضة وقابلية عالية للتطور. وشهدت سياسة النادي في العقد الأخير اهتماماً متزايداً بالمواهب اللاتينية والإفريقية، إلى جانب متابعة دقيقة للأسواق الآسيوية والأمريكية.

ومن أبرز النماذج الحديثة التي أثبتت نجاح هذه السياسة، تعاقد برشلونة مع لاعبين مثل بيدري القادم من لاس بالماس، ولامين يامال الذي نشأ في لا ماسيا، إضافة إلى فيرمين لوبيز، وأليخاندرو بالدي، الذين أصبحوا جميعاً ركائز في الفريق الأول. كما حاول النادي تكرار التجربة بالتنقيب عن مواهب واعدة في أمريكا الجنوبية مثل فيتور روكي، وجوليان أراوخو، في إطار سعيه الدائم لتأمين مستقبل الخط الهجومي والدفاعي على المدى الطويل.

إلا أن هذه السياسة لم تخلُ من الإخفاقات، إذ واجه برشلونة عدة صعوبات تتعلق بلوائح اللعب المالي النظيف التي تحد من قدرته على الاستثمار بحرية في السوق، إلى جانب منافسة شرسة من أندية إنجليزية وعربية تمتلك موارد مالية أكبر. وقد خسر النادي أكثر من موهبة واعدة بسبب تلك القيود، رغم توصيات كشافيه بضرورة ضمهم مبكراً، كما حدث مع نجم باريس سان جيرمان الحالي وارن زائير إيمري، والموهوب الإسباني بابلو باريوس في أتلتيكو مدريد.

ورغم هذه التحديات، يواصل برشلونة تمسكه برؤيته في الاستثمار بالمواهب الشابة، باعتبارها الخيار الأكثر استدامة فنياً واقتصادياً. فإدارة النادي ترى أن بناء فريق المستقبل لا يتحقق عبر الصفقات الكبرى فقط، بل من خلال التخطيط طويل المدى، والمزج بين خريجي لا ماسيا والعناصر الواعدة المكتشفة في الخارج، لتكوين جيل جديد قادر على إعادة الفريق إلى قمّة أوروبا.