زيدان يتراجع عن سقطته.. حكيمي أفضل ظهير في التاريخ‎

زيدان يتراجع عن سقطته.. حكيمي أفضل ظهير في التاريخ‎
حجم الخط:

من ناشئ مغمور في أكاديمية ريال مدريد إلى الظهير الأيمن رقم 1 في العالم، قصة أشرف حكيمي ليست مجرد تطور موهبة، بل شهادة حية على ما يمكن أن يخسره نادٍ بحجم الميرنجي حين يتسرع في الحكم على لاعب قبل اكتمال نضوجه.

“أشرف” الذي ترعرع في “الكاستيا”، وشارك في الفريق الأول موسم 2017 / 2018، لم يحصل سوى على 17 مباراة، ثم خرج معارًا، وبعدها تم بيعه دون رجعة، رغم أن مؤشرات تطوّره كانت واضحة لأي عين كروية تدرك الفرق بين لاعب موهوب وآخر استثنائي.

الخروج من مدريد لم يكن قراره، بل قرار فني وإداري، كان زين الدين زيدان أهم مهندسيه.

ومع مرور الوقت، تحوّل هذا القرار إلى واحدة من أكثر اللحظات التي تُذكر الآن بندم داخل دوائر النادي، خصوصًا أن اللاعب نفسه واصل مسيرة صعود مذهلة جعلته حاليًا في قمة التصنيف العالمي بمركزه، متفوقًا على كل منافسيه.

وفي حلقة جديدة من سلسلة “ماذا لو؟”، نستعرض الإجابة المحتملة على سؤال: “ماذا لو احتفظ ريال مدريد بأشرف حكيمي ومنحه فرصة الاستمرار في الفريق الأول؟”.

منافسة كاسحة

لو قرر ريال مدريد إبقاء حكيمي ضمن الفريق في صيف 2020 بدلًا من بيعه، لكان التنافس بينه وبين داني كارفاخال هو العنوان الأبرز للجبهة اليمنى خلال المواسم التالية.

كارفاخال، رغم قيمته الفنية ودوره التاريخي في جيل البطولات، عانى من تكرار الإصابات وتذبذب المستوى مع التقدّم في السن، بينما كان حكيمي في الاتجاه المعاكس تمامًا، يتطور بدنيًا، يتقدم هجوميًا، ينضج ذهنيًا.

موسمًا بعد آخر، كان من المستحيل أن لا يحصل حكيمي على فرصة أكبر، ومع الأداء الذي قدّمه في دورتموند ثم إنتر، كانت القصة مسألة وقت فقط حتى يتفوق، ليس فقط بالأداء الهجومي، بل بقدرته على تقديم إضافة مختلفة تمامًا.

وجوده ربما كان سيُجبر كارفاخال على تقبّل دور ثانوي أو حتى البحث عن نادٍ آخر.

بطولات أكثر.. واعتراف أكبر عالميًا

منذ رحيل حكيمي، حصد ريال مدريد بطولتي دوري أبطال أوروبا (2022 و2024)، بالإضافة إلى لقبين لليجا، وكأس الملك، وعدد من الألقاب الأخرى.

وجود حكيمي ضمن هذه الإنجازات كان ليدفعه إلى مرتبة أعلى بكثير في الذاكرة الكروية الجماهيرية.

ببساطة، لاعب يتألق في باريس سان جيرمان يُنظر إليه كنجم، لكن لاعب يتألق في ريال مدريد يُنظر إليه كأسطورة محتملة.

الفارق أن الريال يصنع هالة للاعبين، يفتح لهم باب الترشيح للكرة الذهبية، جوائز الفيفا، والفوز بمكانة تاريخية يصعب الوصول لها في أي نادٍ آخر.

ظهير لا يُعوّض في لحظات الحسم

ريال مدريد لطالما امتلك لاعبين يُغيرون المباريات الكبرى، لكن الجبهة اليمنى تحديدًا كانت نقطة ضعف متكررة في السنوات الأخيرة.

في عدة مناسبات أوروبية حاسمة، افتقد الفريق للاعب قادر على تقديم الإضافة من هذا الطرف، سواء بسبب غياب كارفاخال أو محدودية بدائله.

حكيمي بقدراته البدنية الهائلة، وسرعته في التحولات، وشراسته في الثلث الأخير، كان سيمنح الفريق خيارًا هجوميًا قاتلًا، خاصة في لحظات يكون فيها الخصم متكتلًا، ويحتاج الملكي لعنصر مباغتة.

وجوده لم يكن فقط ليسد ثغرة، بل كان ليرفع سقف أداء الفريق، ويعطي المدرب خيارات متعددة سواء في 4-3-3 أو حتى في خطة 3-4-3 أو 3-5-2، كما حدث مع باريس هذا الموسم.

تطور أكبر داخل بيئة ألمع

غم تطوّره الكبير خارج مدريد، إلا أن حكيمي لم يلعب في بيئة شبيهة بالضغوط اليومية التي يُنتجها نادٍ مثل ريال مدريد.

كل تمريرة تُراقب، كل هفوة تُضخم، وكل تألق يُقابل بصيحات تصفيق عالمية.

لو بقي داخل الفريق، لكان نموه أسرع، وصقله الذهني أقوى، وتكوينه كقائد داخل الملعب أكثر نضجًا.

فكثرة اللعب بجوار رونالدو، راموس، مودريتش، كروس، بنزيما، وتحت إدارة زيدان، ثم أنشيلوتي، لربما كانت ستصنع من حكيمي نسخة أكثر اكتمالًا، وربما قاده ذلك ليصبح ليس فقط الأفضل في مركزه، بل أحد القادة التاريخيين للميرنجي.

صورة تاريخية

اليوم، يُصنّف حكيمي كأفضل ظهير أيمن في العالم، لكن تاريخه ما زال يُكتب من خارج مسرح “سانتياجو برنابيو”.

لو بقي داخل جدران مدريد، كان يمكن للحديث عنه أن يصل لمناطق لم يدخلها إلا القليل من اللاعبين في مركزه، أمثال كافو، داني ألفيس، خافيير زانيتي.

الظهير الذي يصنع البطولات الكبيرة، ويحسم الكؤوس في النهائيات، ويُدوّن اسمه في دوري الأبطال، هو فقط من يُوضع في مكانة “أفضل من شغل المركز عبر التاريخ”.

ومع وجود حكيمي في هذا الجيل المدريدي الذهبي، كانت كل هذه الأمور أقرب للحقيقة من الخيال.

عبارة لا تُنسى

في كأس العالم للأندية 2025، واجه حكيمي فريقه القديم.

بقميص باريس، قدّم مباراة متكاملة، قطعًا، ضغطًا، صناعة، ليساهم في انتصار فريقه برباعية ساحقة.

وبعد المباراة، وقف أمام الصحفيين، وقال بهدوء: “لم يكن قراري الرحيل، بل كان قرارهم هم”.

جملة اختصرت قصة كاملة، قرار خاطئ، لاعب مظلوم، ونادٍ تخلّى مبكرًا عن أحد أعظم من أنجبت أكاديميته.